|


فهد عافت
الفن خُلُقاً وأُفُقاً!
2017-02-18

 

ـ الموناليزا لا تبتسم لك، ولا حتى من أجلك، إنها تبتسم فيك!.

 

ـ أحد أشهر وأهم وأصحّ تعريفات الفن أنه: كذبة!، لكن هذا التعريف نفسه تعريف فني، فهو أيضاً كذبة!.

 

ـ الكلمات حين تدخل في الفن كعلامات أو مصطلحات أو تعابير أو أدوات، لا تحتفظ بغير رائحة ضبابيّة وغامضة من بيوتها في القواميس!.

 

ـ والمُراد أن الفن نعم كذبة، لكنه كذبة بريئة طاهرة وهدفها عظيم: أن تقول ما هو أكثر من الحقيقة، ما هو أكثر وأكثف وأحقّ بالبقاء!، إنه تجاوز للحقيقة وليس قصوراً عنها، تجاوز يخلّص الحقيقة من كلّ ما هو مُحدّد وعابِر فيها، ويمنحها خلود التشكّل عبر دوام التّأمّل!.

 

ـ الكذب الفني تجاوز، والكذب الواقعي قصور!.

 

قصور عن الحقيقة وتقصير فيها، هنا الفرق!.

 

ـ والإنسان كائن فنّي، ومن خلال الفن يكتشف ذاته، ويمنحها أفُقاً وخُلُقاً يضيفان إلى إنسانيّته صفاءً ونباهةً وحيويّةً، ويمدّانه بطاقة خلّاقة لا يمكن لغير الفن لفت انتباهه إلى وجودها فيه، أو شحذ همّته للحصول على مزيدٍ منها في غير متعة فنيّة خالصة!.

 

ـ من يطلب من الفن أن يكون نافعاً، وأن تتطابق منفعته مع المنفعة الحياتية الواقعية، يجهل طبيعة الفن!.

 

ـ والجاهل قُنبلة ظُلم، حتى هي لا تدري متى تنفجر!، وحزام بجاحة ناسف، حتى هو لا يعرف متى يَفْجُر!.

 

ـ للفن علاقة بالطبيعة نعم، لكنه لا ينقل الطبيعة!.

 

ـ وفي كتاب "ضرورة الفن"، حكاية في منتهى الطرافة، يمكن بسهولة إسقاط مشهدها على من يريدون من الفن، مطابقة الواقع وتقديم منافع كمنافع الطبيعة!.

 

كان لدى أحد العلماء، قِرد مشاكس، يبدو أنه كان مُدلّلاً، ينتقل من مكان لآخر دون خوف ولا استئذان، وفي مرّةٍ من المرّات دخل القِرد مكتبة العالِم الذي أذهله المشهد، كان القِرد جالساً وقد نثر حوله الصفحات المصوَّرة من كتاب علوم، كاد العالِم يطير من الفرح، لأنه سيتمكن من كشف جديد في الذكاء الحيواني، اقترب من القِرد الصغير، فانقلب الفرح إلى حسرةٍ وغيظ، وجد القِرد قد أكل كل الحشرات التي رأى صورها في الصفحات!.

 

يعلّق إرنست فيشر: "السِّعدان الشَّرِه، اكتشف دونما ريب، أن الجُعلان الحقيقيّة تفوق الجُعلان المُصَوَّرة من حيث الطّعم والقيمة الغذائيّة"!.