|


عبدالله الحمد
الحرامي الحر
2017-03-09

الحرامي الحر أو "حرامي الوقت"، مفردة وجدتها مناسبة لوصف الحالة الإدمانية التي وصلت إليها المجتمعات العالمية ومجتمعنا السعودي في الاستخدام المفرط "للجوال"، لم يعد هذا الداء كالسابق، عندما تتحدث عنه فأنت لا تعني فئة الشباب أو المراهقين فحسب، بل أصبح داءً يضرب جميع الفئات العمرية، والمضحك لم يسلم الرضيع الذي لا يزال في فصال العامين من هذا الداء. حالة من "البلاهة" تصيب كل الدوائر سواء الاجتماعية أو العملية، فأصبح طبيعيًّا أن يكون هناك دائرة عائلية أو مركز عملي، ويوجد عدد من الناس وتشاهد الجميع مطأطئين رؤوسهم يتصفحون الجوال، الاجتماعات العائلية كانت سابقًا وليس بالزمن البعيد مصدرًا لتعارف الناس وزرع التقارب بين الأقارب.

 

حاضرًا تجد الكثير من الأقارب يتصافحون ولا يعرفون حتى أسماء بعضهم، قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: "نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس.. الصحة والفراغ"، الفراغ فرصة ثمينة لتطوير النفس في نواقصها، أيضا فرصة لصلة الأرحام وإنهاء الالتزامات المتراكمة، بفضل ناشر "البلاهة" لم يصبح هناك فراغ للناس، ليس هكذا فقط، بل مع الأسف وصلت "البلاهة" والكسل عند بعض الناس بسبب الجوال إلى ترك الواجبات التي يفترض إنجازها يوميًّا، فلا أعتقد أنه وضع طبيعي أن يخلد الإنسان إلى النوم وفي حضنه هاتفه، وليس طبيعيًّا أيضًا أن يستيقظ الإنسان وأول ما يبدأ به التشييك على هاتفه الجوال.

 

بناءً على عدة دراسات لبعض الدكاترة النفسيين، أكدوا أن حالة إدمان الجوال مرض نفسي، بناءً على عدة دراسات أجريت في عدد من البلدان، فتم تصنيفها أنها حالة إدمانية تشبه إدمان التدخين والكحول وكل حالة يترتب عليها وصف الإدمان، مدمن "الجوال" تظهر عليه أعراض خارجية كآلام الرقبة بسبب كثرة الانحناء والتوتر الدائم عند الابتعاد عن الجوال لفترات. أما الأعراض الداخلية لمدمن الجوال عميقة جدًّا وأتفه الأسباب قد تصيبه بالاكتئاب والحزن.. أضف إلى ذلك قالت ذات الدراسات إن مدمن الجوال ينخفض أداؤه بشكل ملاحظ في الواجبات الأساسية.. وانخفاض الأداء في العمل كالاختبارات، وضعف إدراكي في الاجتماعات والشعور الدائم بالعزلة والوحدة.

 

في الدول الكبرى كالصين مثلاً، تم إدراك أن هذا خطر وأزمة فعلية تحتاج إلى تدارك بعد أن تم الإحصاء الميداني ووضع النقاط على الحروف وتحديد عدد الشباب المدمنين، فتم إنشاء أكثر من 350 مركزًا علاجيًّا خاصًّا بهذه الحالات.. نعم للدولة دور مهم لإنقاذ المجتمع من هذه الآفة.. يبدأ هذا العمل من خلال إجراء إحصاء شامل لجميع الفئات العمرية ونشر التوعية بطرق احترافية، وإنشاء مراكز علاجية إن اضطر الأمر.. لكن العلاج الحقيقي والأكثر فاعلية يبدأ من الشخص نفسه، عندما ينظر إلى عدد الساعات التي يستخدم فيها الجوال وكم مرة يتصفحه يوميًّا، يستطيع وأد هذه المشكلة بنفسه.