ـ بالنسبة لي، كل عمل فني جميل هو عمل ديني بشكل أو بآخر، بقليل من الصّفاء يمكن لي التوغّل دينيّاً في كل عمل فنّي جميل، وتسبيح الخالق،..
ـ لكنني حين أتحدث عن أغنية يكون موضوع كلماتها دينيًّا، ولها شكل ابتهالي واضح ومتقصّد وظاهر على السطح، فإنني لم أجد حتى هذه اللحظة أجمل وأكثر بهاءً من أغنية لمطربة مكشوفة الرأس، ثوبها بالكاد تحت الركبة، هي نجاة الصغيرة!، الكلمات لمصطفى عبدالرحمن والألحان للعبقري رياض السنباطي، وعنوان الأغنية مطلعها: "إلهي ما أعظمك"،..
ـ كل ما في الأغنيّة يذوب من فرط التّجلّي خاشعاً لعظمة الله سبحانه، تأخذك الأغنية بكلماتها وموسيقاها وصوت نجاة المرتعش كماء، والمُنكسِر كضوء!، إلى عوالم وجدانيّة عظيمة الطُّهْر، كاشفة لك عن ضعفك وبساطتك كمخلوق، فاتحةً لك باب الرؤية، تهيم كما شئت في عظمة الخالق وقدرته وتجليّاته في خلقه، عبر معازِف نيّرة ومعانٍ خيّرة!،..
ـ كان ذلك في زمن الفن الحقيقي الأصيل، الذي لا يتمرّغ أصحابه في ابتهالات زائفة، وشعارات بلا شعور، أو شعور بلا شِعر!، اليوم يمكن لهذه الأغنية أن تُرفَض، وأن يُلعن ملحنها، وتُتّهم مغنيتها بأنواع بذيئة من الاتّهامات، وأن يُردّ على المتحدث عنها بإعجاب، الكاتب عنها بمحبّة، بردود قاسية ومُجحفة!، لا بأس، مثل هذه الأعمال الجليلة تستحق أن يتحمّل مثلي لأجلها شتائم عابرة، واحتجاجات غاضبة!، ذلك لأنها دافعت عني وعن أمثالي، ودَفَعَتْ بنا إلى عوالم نقيّة وصافية وعامرة بالحُسْن والجمال والمودّة، إنها أغنية لا يُمَلّ سماعها، غُزِلت بخيوط من نور، حتى إنه لا يمكن لك فصل كلماتها عن موسيقاها عن حنجرة مطربتها، أكاد أقول إن تسجيلها الأولي المحفوظ تلفزيونياً وإذاعياً طبعاً، لا يمكن تكراره، ولحنياً، ورغم كل تجليّات السنباطي في كل حرف ومع كل كلمة وجملة، إلا أن عبقريّته كلها تكدّست في القفلة الجيّاشة: "جلّت صفاتك يا من لا إله سواك"!.
ـ ثاني أجمل أغنية دينيّة، من وجهة أُذُني قبل نظري!، مليئة بالمعازِف أيضاً!، مع زيادة حارقة: كل من قاموا بإنجازها "نَصارى"!، سعيد عقل والرحابنة وفيروز!، وهي أغنية: "غنّيتُ مَكّة"!..
ـ كلمات دافئة، وموسيقى خضراء، وصوت فيروز!،..
ـ أبيات من الأغنية:
من راكعٍ ويداه آنَسَتا..
أنْ ليس يبقى البابُ موصُودا
أنا أيْنما صَلّى الأَنَامُ رَأَتْ..
عيني السّماء تَفَتَّحَتْ جُودا
لو رَمْلَةٌ هَتَفَتْ بمُبدِعها..
شَجْواً، لكنتُ لِشَجْوِها: عُودا!.
ـ ثالث أطيب أغنية دينيّة، بالنسبة لي، هي "مولاي إني ببابك قد بسطت يدي "للشيخ النقشبندي، ألحان بليغ حمدي، وحين يحضر بليغ حمدي ينتهي الكلام!.