كان نهائي كأس ولي العهد مثالياً في كل شيء، تعاونت كل الأطراف في إخراج مناسبة رياضية بما تستحقه، وبعد صافرة الحكم التي أعلنت انتهاء المباراة بفوز الاتحاد بهدف دون رد، تسلم الاتحاديون الكأس والميداليات الذهبية، ولاعبو النصر الميداليات الفضية، ولم يعكر صفو الفرح الاتحادي شيء وعاش لاعبوه ومحبوه أفراحاً عارمة داخل الملعب، وعبر وسائل الإعلام وخارجها في الرياض وجدة، وغيرها من المدن والمحافظات.
عادة تمر مثل هذه المناسبات بذات الحالة إلا ما ندر جداً، لكن كل شيء قد يحدث بعد ذلك وهذا أمر طبيعي، فقد يبالغ المنتصر في بهجته إلى الإساءة لغيره، أو يحاول الخاسر إفساد أجواء احتفالية المنتصر بالتشكيك في أحقية الفوز أو وجود شبهات حوله، كل ذلك يمكن تفهمه وعادة لا يدوم طويلاً، حيث تطويه مستجدات الأحداث، لكن لا يجب أن نتجاهل أن هناك ممن هم خارج أسوار الأندية بضاعتهم تفسد لو انتهى كل شيء على ما يرام.
الاتحاد حقق الكأس الثامنة في مسابقة كأس ولي العهد، دون أن يدور في خلد أكثر المتفائلين قبل بدء الموسم، أن الفريق يمكن أن يكون طرفاً في منافسة حقيقية على إحدى البطولات الثلاث الكبرى، وإن عادت الآمال بشكل تدريجي مع ظهور الفريق بين فترة وأخرى، بما يجعل كسبه على الأقل بطولة واحدة وارداً، ولو لم يدفع الاتحاد ثمن أحقيته بهذه الكأس إلا الفوز على غريمه الأهلي في نصف النهائي وخطفه له من النصر في النهائي لكفاه، فعادة الكؤوس يتم الحصول عليها بأقل من مثل هذه الاختبارات الصعبة.
هدف المباراة الوحيد الذي حققه الاتحاد وحصل بموجبه على الكأس، جاء عن طريق تسلل كما أورد ذلك خبراء في التحكيم في معرض تحليلهم الفني للحالات التحكيمية بعد المباراة، ومن المهم أن نستثمر ذلك لأن يقال لبعض الاتحاديين أو غيرهم، إن الأخطاء التحكيمية لا تستهدف فريقاً دون غيره مهما حاولتم أو دفعكم أحد لتصديق ذلك في إطار التحريض الذي يتم تصديره لشحن المدرج لأي غرض كان، كما يلزم الاقتناع بأن مسيرة كل بطل لأي مسابقة لا بد أن يصاحبها أخطاء تحكيمية كهذه، استفاد منها البطل وتضرر خصمه، لكن ليس بها وحدها يمكن لأي فريق أن يحقق بطولة.
السؤال الذي طرح مثله من قبل في مناسبات سابقة: هل يمكن المطالبة بإسقاط هذه البطولة من السجل الشرفي؛ لأنها تحققت بهدف غير صحيح؟ والجواب بالطبع (لا)؛ فهذا لا يعني فقط أن حالات شطب وتعديل ستتم على سجلات كل بطولات الأندية والمنتخبات في العالم، ولكن أيضاً لأنه انقلاب على حال اللعبة، الذي استقر على أن أخطاء التحكيم جزء من اللعبة نفسها. هذا ليس قبولاً بالأخطاء أو التغاضي عنها، وهذا له حديث آخر مختلف، لكن الأهم أيضاً لأن تصل للجماهير رسالة تكذيب لمن يحاولون التغرير بهم، أن فريقهم بالذات مستهدف أو أن مشاكله تتم صناعتها في دهاليز أندية أخرى، أو جهات تملك القرار أو تنفذه.
التهنئة للاتحاد واجبة لبطولة مستحقة، والخطوة التالية التي ستضمن استمرار مسيرته كما يريد عشاقه هي الوضوح والشفافية أكثر حول ما يعترض النادي من مشاكل، إذ إن التستر على المتسببين فيها بقصد أو من دونه ستجعل الاتحاديين في حالة شك وريبة في كل من يتم التعامل معه، بعد أن وصل الاعتقاد بأن (الفيفا) يناصبه العداء، وهذه مرحلة لا بعدها ولا قبلها من حالة الانفصال عن الواقع، الذي وكما يعرفه القريبون من البيت الاتحادي يمكن أن يختصر في أن (لا مشاكل للاتحاد تسبب فيها غير اتحادي)، اخلعوا عباءة الضعف والمظلومية؛ فالاتحاد أرفع من أن يكون كذلك.