نظمت السعودية ممارسة الرياضة بشكل رسمي داخل البلاد في عهد المؤسس رحمة الله عليه حين أمر الملك عبد العزيز عام 1952 بإنشاء إدارة الشؤون الرياضية في وزارة الداخلية.
منذ ذلك الوقت لم يتطور التنظيم الإداري للجهة المعنية بالرياضة في الدولة سوى مرتين فقط فبعد أن تنقلت الإدارة الرياضية بين عدة وزارات أمر الملك فيصل بن عبد العزيز رحمه الله في عام 1974 باستقلالية هذه الإدارة تحت مسمى الرئاسة العامة لرعاية الشباب ليتولى زمام أمورها الأمير فيصل بن فهد ويتوقف التطوير إدارياً لهذه الجهة حتى تم تحويلها إلى هيئة الرياضة عام 2016 في عهد سلمان الحزم.
في ظل ذلك الوقت الطويل منذ إنشاء التنظيم الإداري للرياضة في السعودية وحتى قبل أيام كانت هذه الإدارة تستمد قوتها من قوة نفوذ من يترأسها وقربه من صانع القرار في البلاد وقائدها فتارة تجد الدعم اللامحدود وتارة يقل هذا الدعم والاهتمام لتعلو الأصوات وقتها بضرورة تحويل هذه الرئاسة إلى وزارة ووجود مقعد لرئيسها في مجلس الوزراء المقرر لشؤون الحكومة.
قبل أسبوعين فقط كتبت هنا عن المشروع الضخم الذي أطلقته اللجنة الأولمبية والدعم الكبير الذي تلقته الرياضة من القيادة وتحديداً من الأمير محمد بن سلمان راعي المشروع بحوالي سبعة مليارات وإنشاء أربع قرى أولمبية في مختلف مناطق السعودية وإلزام عدة جهات بتوقيع الاتفاقيات مع اللجنة الأولمبية لإنجاح هذا المشروع.
وذكرت في مقالي أنه رغم الأهداف الصعبة والمستحيلة التي وضعتها اللجنة حتى عام ٢٠٢٠ إلا أنني متفائل بنتيجة هذا الدعم غير المسبوق والمبني على منهجية لهيئة الرياضة بقيادة عبد الله بن مساعد لكنني لم أتوقع حقيقة أن يتم ربط هذه الهيئة بمجلس الاقتصاد والتنمية الذي يقوده ابن سلمان عراب رؤية 2030.
نعم لم أتوقع ذلك إطلاقاً ولم يدر بالتأكيد في خلد المهتمين بالرياضة في بلادنا ولكنها العقلية الجديدة للإدارة سواء في رأس هرم الدولة أو في هيئة الرياضة.
الآن وبالقرار التاريخي الذي صدر قبل يومين بربط هذه الهيئة بمجلس الاقتصاد والتنمية مباشرة نكون قد اطمأننا على مستقبل الرياضة في هذه البلاد بعيداً عمن يرأس الجهة المعنية بها ومدى نفوذه وقربه من صاحب القرار.
أستغرب حقيقة عدم إعطاء الأوساط الإعلامية الرياضية لهذا القرار التاريخي والتحول الجذري في إدارة المؤسسة الرياضية في السعودية حقه من الاهتمام ولا أستطيع وصف ذلك بسوى الجهل في قراءة مثل هذا القرار الذي صدر من مجلس الوزراء الإثنين الماضي ومدى تأثيره في مستقبل الرياضة في هذه البلاد.
يا سادة القيادة في هذه البلاد، التي التقت رؤيتها مع ما يقدمه الفكر الجديد لهيئة الرياضة بقيادة الأمير عبد الله بن مساعد تؤسس لمستقبل رياضي مشرق ومتين بعيداً عن العشوائية واستجداء الاهتمام بهذا القطاع الذي لم يعد في رؤية البلاد الجديدة مجرد قطاع يفرغ فيه الشباب طاقاتهم ويلهو فيه نصف هذا الشعب، بل أصبح قطاعاً يمس كل جوانب التنمية الأخرى ويلتقي معها سواء كانت اقتصادية أو اجتماعية ولنا في اهتمام رؤية 2030 برفع الممارسة المجتمعية للرياضة إلى ٤١٪ بدلاً من ١٣٪ حالياً خير دليل، فكل ارتفاع في هذه الممارسة بنسبة ١٪ يقابله خفض في فاتورة الصحة بالمليارات وزيادة في إنتاجية الفرد في كل المجالات لنصل بإذن الله لما نريد ويريده قادة هذه البلاد.
لذلك فليطمئن كل مهتم بهذا المجال على مستقبل الرياضة في بلادنا وليعلموا أننا بدأنا نسير على المنهج الصحيح وليتركوا لإعلامنا الرياضي نقاش مستقبل عوض خميس ومحمد العويس فالتجارب أثبتت أن هذا الإعلام وصل لحال لا يستطيع أن تتجاوز رؤيته مستوى الأقدام في ملعب كرة قدم!.