|


سلطان رديف
26 كلمة في 60 ثانية.. تُدَرس
2017-04-16

 

المسؤولية ما هي إلا استعداد فطري ينمو مع الشخص، وهي جزء من الشخصية وتكوينها؛ لذلك النجاح دائماً يكون حليفاً لكل شخص يعي أهمية المسؤولية، ويلزم نفسه بما هو مسؤول عنه، من خلال الأدوات والحلول التي يملكها، والسلطة التي يتمتع بها.. والمسؤولية هي حالة أخلاقية يتخلق بها الشخص متى ما قبل بهذا العمل أو ذاك، وهي الضمير الحي الذي يحاسب نفسه على كل خطوة وعمل ويتحمل التبعات أياً كانت.

 

زيارة رئيس هيئة الرياضة الأمير عبد الله بن مساعد لمدينتي أبها، وحديثه الذي انتشر حول منشأة نادي أبها شد انتباهي كثيراً؛ ليس لأنه زار أبها، فكل المدن وطني، وكلها مسقط رأسي، ولكن ما شدني ولفت الانتباه هو المعنى الحقيقي للمسؤولية؛ فعندما وقف المسؤول عن الرياضة في وسط منشأة نادي أبها، التي توقف العمل عنها لسنوات، رغم أن المشروع أنجز بنسبة 75% لم يطلب تقارير ولم يشكل لجنة، ولم يضع تبريرات واهية ولم يدافع عن الخلل؛ لأن الواقع كان واضحاً، بل كانت أسئلته محدودة ودقيقة ومباشرة، بعد أن استمع في أقل من نصف دقيقة للمشكلة؛ فالمقطع بكامله لم يتجاوز 60 ثانية، شُرحت فيه المشكلة ووضعت الحلول المباشرة، ومن خلال 26 كلمة نطق بها الأمير عبد الله بن مساعد طلب فيها سحب المشروع من المقاول وترستيه على مقاول آخر، وطلب إحضار المقاول الرئيسي لمكتبه، هنا أنهى رئيس هيئة الرياضة معاناة سنين لمنشأة رياضية تخدم المنطقة وشبابها.

 

لعل بعضهم هنا يقول: لماذا لهذا الأمر أهمية؛ فأقول لهم قبل أشهر توفي حارس مرمى في نادي أبها؛ لأن الفريق يؤدي تمارينه على ملعب مستأجر غير آمن سقطت عليه عارضة المرمى ودخل في غيبوبة ومات، وأقول هذا لأني أعرف أهمية هذا النادي؛ لأنني عشت سنوات من عمري في داخله، فهو في ذات الحي الذي أسكن فيه، وفي سنوات طفولتي كنت ألعب فيه لا ألعب في الشارع، أقول هذا لأن نادي أبها الذي وصل لدوري الممتاز مرتين وانفرد بتميزه في عدد من الألعاب، أصبح مقره في غرف داخل حديقة؛ فالشباب أحق بانتهاء هذه المنشأة وغيرها من المنشآت؛ لأنها حاضن رئيسي لهم.

 

درس المسؤولية الذي قدمه الأمير عبد الله بن مساعد كان عبارة عن محاضرة في 60 ثانية، من خلال 26 كلمة هي رسالة لكل من يعمل لا ينفذ ما عليه ويصبح المجتمع هو الضحية لتقصير هذا أو ذاك، وفي ذات الوقت هو تأكيد لأهمية قوة المسؤول في اتخاذ القرار وسرعة وضع الحلول التي تحمي المنظومة من العبث وتحقيق رغبات المجتمع؛ فالعمل التزام والالتزام مسؤولية والمسؤولية أمانة، والأمانة ضمير والضمير أخلاق عندما يتحلى بها المسؤول فإن الفساد يقل والعمل ينجز والمنظومة تتطور؛ فالاجتهاد واجب والنجاح توفيق من الله.