غداً تنتهي المهلة التي أعلنها رئيس هيئة أعضاء شرف نادي النصر موعداً لمن يجد في نفسه القوة والقدرة للجلوس على كرسي الرئاسة النصراوي، كخطوة أولى أعقبت استقالة رئيسه ـ القديم في المنصب ـ الأمير فيصل بن تركي، ـ وهي استقالة غير مكتوبة، لكنها تقوم مقام الوعد القاطع ـ، كما أنها الاستقالة الثانية للرئيس القديم نفسه خلال أقل من عام.. الاستقالة الأولى مُزقت أوراقها في "المزرعة" رمضان الفائت، واستبدلت بـ 63 مليون ورقة نقدية، وضعها أعضاء شرف تحت تصرف الأمير القدير والقوم الذين يتوكأ عليهم إدارياً، لكنها لم تحل المشكلة.
صحيح أن المهلة قصيرة جداً ـ لكنها مهلة ـ وهي تغلق أبوابها غداً، وحتى الآن لم يعلن أحد رغبته في قيادة النصر، وترتيب الفوضى التي تعم أرجاءه، وتفسد الهواء في أجوائه، وتخلط أشياء أعضاء شرفه الشخصية بأشيائه.
كان الحديث طوال 3 أشهر (مُرَّةٍ) مرَّت، لا يتجاوز المعنى المباشر المتكوّم في هذه الكلمة: "ارحل".. وهي المرة الثانية في عام واحد التي يُطلب فيها من الأمير فيصل بن تركي الرحيل، وهي المرة الثانية التي يوافق فيها على الطلب، وربما تكون المرة الثانية أيضاً التي تنتهي ببقائه رئيساً بالتزكية.
يسألني مشجع نصراوي: "هل فيصل بن تركي هو الرئيس المناسب للنصر الآن؟!"..
وأجيبه: "لا أعلم إن كان مناسباً أم لا؟! ما أعلمه يقيناً هو أنه الرئيس المتاح حالياً، ربما أن هناك من هو أجدر منه وأقدر، لكنه لم يرفع يده مرشحاً نفسه، ولهذا لا يمكن رؤيته، ولا استقباله.
لتصبح رئيساً لنادٍ عملاق مثل النصر، عليك أن تكون شجاعاً وذكياً، لا يكفي أن تكون شجاعاً لتنتصر.. عليك أن تكون ذكياً أيضاً"!.
يباغتني المشجع الأصفر باعتراض حاد الملامح والنبرة: "لا يهمني من سيذهب، ولا من سيأتي، ما يهمني هو أن يبقى النصر بطلاً.. الرئيس يقول كلاماً، والمعترضون يقولون كلاماً، والمعارضون يثرثرون بالصدق والكذب معاً، واللاعبون لا يقولون ولا يفعلون شيئاً، هم مشغولون فقط بجمع الغلة".
"نعم هذا ما حدث ويحدث"، أقولها له، وأُتبعها قولاً آخر: "مشكلة النصر ليست في ما يحدث فيه أو له، وإنما فيمن يتحدثون عنه من أنصاره؛ لأنهم يستخدمون كلمات مزعجة، ويختصرون المشكلة كلها في رجل واحد.. فيما الحقيقة هي أن حصر الهزيمة في رجل واحد، هو هزيمة أخرى، ستحدث لاحقاً!.
الفوز لا يحصل فجأة، ولا يصنعه رجل واحد.. ولا يعيش في مكان يتآمر على الفرح بعصب عينيه بخرقة سوداء كلما دلّ الطريق.. والخسارة أيضاً لا تحضر فجأة، ولا يصنعها رجل واحد.. ولا تحدث إلا في مكان يُحبس فيه العقل بين أصبعين من أصابع الحب الأعمى"!.
يقول لي : "لم أفهم".،
وأقول له: "لماذا الأمير فيصل بن تركي هو المشكلة؟!.. قد يكون كذلك، لكنه بالتأكيد ليس المشكلة الوحيدة، هناك قائمة طويلة بالمشاكل التي ضربت وتضرب قلب النصر بجلطات صغيرة، قد تكون مميتة يوماً.. مثلاً: اللاعبون، الذين لا يحترمون التدريبات، ولا يأبهون بالجماهير، ويصرخون في وجوه الكل، وحين لا يتحمسون للعب عمداً فإنهم يُهزَمون، اللاعبون الذين أصبحوا أكبر من النصر، من سمح لهم أن يصبحوا أكبر من "الكبير"؟!.. كيف يتجرأ لاعب أن يظن في نفسه أنه أضخم وأفخم من فريقه التاريخي، والعملاق أصلاً؟!.. لماذا لم يُحمّلهم أحد مسؤولية المصائب التي تحاصر النصر الآن؟!".
يقاطعني بسؤال يتقاطر عطفاً ورحمة: "أنت تظلمهم، كيف يعمل الأجير وقد جف عرقه، ولم يأخذ حقه، ثم تصبب العَرَق تلو العَرَق، والأجر في خزائن المجهول؟!".
وأجيبه: "هناك حقوق لك كلاعب، وأخرى عليك.. الأجر من حقك، وأن تلعب جيداً من حق فريقك.. إن لم تحصل على مالك فهناك قانون يحفظ لك هذا المال فاذهب إليه، وخذه بسلطته، وقوته، وحكمه، لكن إلى من يذهب الفريق حين لا يحصل على أداء قتالي، ومسؤول داخل الملعب؟!.. اشتك والعب، وكما تقاتل لنيل أموالك، قاتل أيضاً لينال فريقك النقاط.. تقدم بمستنداتك للقضاء وفي الوقت نفسه تقدم بفريقك في سُلّم الترتيب، لكن لا تعاقب تاريخاً كاملاً من المتعة والمجد، بسبب رجل واحد.. نصيحتي، لا تدافعوا عن اللاعبين، لا تسمحوا للهزيمة بأن تكون وسيلتهم في استرداد حقوقهم والانتقام ممن يظنون أنهم خدعوهم أو سرقوهم، لا تجعلوهم أكبر من أنديتهم.. تريدون أن يرحل الرئيس؟!.. ليرحل، لكن لن يحدث هذا إن لم يرشح أحد نفسه.. يريد اللاعب أن يحصل على ماله؟!.. ذلك حقه، لكن لن يحدث هذا إن لم يذهب إلى القضاء، تريدون أن يفوز الفريق بالبطولات، سيفوز، إن توقفتم عن تبجيل اللاعبين"!
أخيراً: ليس أسوأ ما في الحرب، أن تكون "جباناً".. أن تكون "بطلاً" هو أمر سيئ أيضاً!.