|


أحمد الفهيد
‏"المديونين والمدانين" في صفقة "الخصخصة" السرية!
2017-05-02

قبل أيام استقبل نادي الشباب السعودي تحذيراً "مكتوباً" من الاتحاد الدولي لكرة القدم: إما دفع 4 ملايين ريال، أو حسم نقاط، ثم التهبيط للدرجة الأولى! هذا التهديد العلني جاء كخطوة لاحقة لتنفيذ حكم قضائي ضد النادي صدر منذ 3 أعوام.

وقبل ذلك بأشهر حُرم الشباب من قيد لاعبين جدد "أجانب ومحليين" في فترة الانتقالات الشتوية، للسبب نفسه "حكم واجب التنفيذ أهمله الشبابيون لشح المال، ولم يمهلهم الاتحاد الدولي لكرة القدم فرصة لتصحيح الوضع، المتواضع أصلاً، فاقتص منهم بأن أقصاهم من مزاد الشتاء".

وطوال موسم يوشك أن يحزم حقائبه ويغادر، عجز النادي عن سداد أجور اللاعبين الشهرية، وجُمِّد حسابه البنكي، ومُنِع رئيسه "قضائياً" من السفر، والشكاوى ضده تملأ غرفة فض المنازعات!

وقبل الشباب وبعده، حُسِم من نادي الاتحاد السعودي 3 نقاط.. كان يتصدر الترتيب في الدوري، لكنه هوى.

خُصمت النقاط لأن دفع المال تأخر، و"FIFA" لا يرحم، إذا قال شيوخه في المحكمة: "ادفع"، عليك أن تدفع بالتي هي أحسن!

ثم أمطرت المحكمة الدولية على الجدب الاتحادي سيلاً من الجفاف، بقرارتها المالية واجبة الإيفاء، في قضايا قديمة عالقة، وأخرى مُعلَّقة.. إلى أن انتهى الأمر بمنعه من التعاقد مع لاعبين جُدد "صيفاً وشتاءً"، مع رسالة إلكترونية ورد فيها التهديد التالي: "ادفع، أو ستهبط".

ومنذ 3 أشهر ورئيسه يحاول أن يدفع المال عن الاتحاد بتسوله ممن يملكونه، وأن يدفع الأذى عن الاتحاد بتوسله الفرصة ممن يملكون حق منحها له، وأن يُدافع عن الاتحاد بما أوتي من أمل وحُسْن ظن في ما سيأتي.

وبين الشباب والاتحاد، يقف نادي النصر السعودي بديونه الضخمة، التي حبست الأجور الشهرية في أرصدة التأجيل، ما دفع عدداً من لاعبيه إلى مقاطعة التدريبات أياماً، أو اللعب بلا رغبة في الفوز أياماً أخرى.. وأدى إلى نشوب حرب باردة بين بعض أعضاء شرفه.

قائمة المديونين طويلة، وقائمة المدانين أطول.. فهل من شيء قصير في هذا كله حتى نستطيع التحدث معه؟!.

نعم توجد "الخصخصة"، والحقيقة أنها ليست قصيرة وإنما قاصرة عن بلوغ معناها، مع أنها استغرقت سنوات طوال من البحث والدراسة، والنقاشات والمقارنات، حتى أُذِن لها بدخول مجلس الوزراء السعودي، قبل أن تخرج منه مُعزَّزةً مُكرَّمة بورقة تحملها بين يديها، كتب فيها: "هيا.. ابدئي"!.. لكنها لم تبدأ، وفي رأيي أنها لن تبدأ، وإن بدأت فستبدو "خديجةً"، وسط هذا التدفق الهائل للديون، وللعقوبات.

كما أنه لم يشرح لنا أحد، حتى الآن، كيف يمكن أن تنجح "الخصخصة"، بينما الأندية الجماهيرية تترنح مالياً، وبينها وبين إعلان إفلاسها قضية أو قضيتان.

كيف يمكن أن تنجح هذه الخصخصة، والجمهور لا يحضر المباريات في الملعب، ويسمح له أحياناً بالدخول مجاناً على حساب فاعل خير، وحقوق النقل التلفزيوني "حصرياً" ممتدة حتى 8 أعوام أخرى، ومتاجر الأندية لا تبيع إلا ما يكفي لسداد فواتيرها؟!.

كيف يمكن أن تنجح هذه الخصخصة، ونحن لا نعلم كيف سيتم بيع الأندية على السادة المشترين؟!.. ولا نعلم أيضاً هل ستكون الديون جزءاً من صفقة الشراء، أم ستكون صفعة في وجه الصفقة كلها؟!.

الراغبون في الشراء، كيف يستطيعون التخطيط لذلك، والبدء في تدبيره إن لم يكن هناك تفاصيل مُعلنة؟!.

إن كنا نسعى حقاً أن تنجح الخصخصة، علينا أن نتحدث عنها كثيراً، لأن خير الكلام عنها هو ما زاد وأفاد، وليس ما قل ودل، لنستوعبها، لنثق بها، لنؤمن بمنتجاتها، وأنظمتها، وقوانينها، ولنصبح أيداً تدفعها أو تسحبها لتصعد الجبل.

ثم ماذا عن الذين دفعوا، والذين ما زالوا يدفعون المال لأنديتهم، من دون أن يكتب بينهم وبينها كاتبٌ بالعدل، أين موقعهم من هذا كله، أم ستكون أموالهم هشيماً تذروه الرياح؟!.. 

حقيقةً، عقلي "الصغير اقتصادياً" عاجز عن فهم "خصخصة الأندية السعودية"، كل شيء يقول له إنها لن تنجح هنا، إن كانت الأوضاع هكذا، وعقلي "البالغ رياضياً" يقول لكل شيء إنها ستنجح، كما يحصل في العالم كله.. فهل من قائم على الأمر يقدم لنا شرحاً مفصلاً؟.. هل من تنظيمات، وترتيبات، وشروط، وضوابط، وإجراءات يمكن إعلانها؟!.

"الخصخصة حلوة .. بس نفهمها"!.