ـ السينما ليست فيلماً فقط، حتى الأثرياء الذين يمتلكون في بيوتهم قاعات سينما، يفقدون شيئاً مهمّاً من المتعة التي لا تتوافر في غير دُور السينما العامّة.
ـ الفرق كبير بين وجبة تطلبها من المطعم وتصلك إلى المنزل، وبين خروجك مع أحبّتك إلى مكان عام حتى لو كان العنوان الرئيسي لـ "الطّلعة": تناول وجبة طعام!.
في الحالة الأولى أنت تطلب المعيشة، وفي الحالة الثانية أنت تطلب الحياة!.
ـ السينما كمكان، تفيض بمتناقضين: الجمع والطرح!، بهجة الجماعية والمُخالَطة، وتأمّل المنفرِد المنعزِل!.
ـ السينما مثلها مثل أي مكان ترفيه عام، وبدءاً من لحظة خروجك من البيت إليها، تجعلك مستعداً لاستقبال المتعة، وتُبقيك متهيّأً للتواصل مع الناس والتعامل معهم بلطف، وعبر هذا اللطف، تجد نفسك شيئاً فشيئاً وقد قَبِلْتَ النّظام والترتيب واستَطَبْته!.
ـ تجلس، فتُطْفأ الأنوار، هذا لا يُحدِّد فقط أحقيّة الشاشة بالاستيلاء على الضوء أو بكشف ضوئها الخاص، لكنه أيضاً يصنع حالة إظلام عازلة، تعزلك عن الناس، فإذا ما كان الفيلم جيّداً، عُزِلْتَ حتى عن المقعد المُجاوِر لك تماماً!.
ـ وعبر هذه الجماعية التي تعرف بوجودها، وهذه الوحدة التي تشعر بجودها!، تدخل تجربة شديدة الخصوصيّة والاستثناء، لا يمكن لملعب كرة قدم، ولا لشارع، ولا حتى للمسرح توفيرها لك بكامل الطاقة التي يمكن للسينما كمكان توفيرها!.
ـ ذلك أن المسرح تحديداً، ورغم قُربه من الشكل، يُبقي الحياة حاضرة عبر حضور حقيقي للممثلين، الأمر الذي لا يتيح طمأنينة تامة لما سوف يحدث!، هذه ميزة سينمائية خاصة: أن تكون قادراً على متابعة حياة، أنت لست فيها لكنها لك!.
ـ المسرح أكثر فاعليةً من السينما، وحين أقول إنه لا يوفّر ما يمكن للسينما توفيره، أقولها بحكم صفته وليس قيمته!.
ـ الجمهور في المسرحية جزء منها، كل واحد من الجمهور هو ممثِّل أيضاً!.
ـ ألا تلاحظ أننا قد نصفِّق لممثل حياءً منه في بعض الحالات، خاصةً حين يرفع صوته متهدّجاً بجملته الحواريّة مكرراً إياها ثلاث مرّات، نصفّق فقط لأننا صرنا نعرف أنه يطلب التصفيق، وأن المشهد المسرحي مرسوم له التصفيق لإتمام المسرحيّة؟!.
ـ في السينما لا يحدث هذا، فإن حدَث فالسذاجة هنا تكون قاتلة!، فإذا كان الجمهور في المسرح ضمن قائمة الممثلين وهذا بالضبط مكمن فاعليّته، فإن ممثل السينما على النقيض من ذلك ويمكنه أن يكون جزءاً من الجمهور!، يمكنه قطع تذكرة ومشاهدة نفسه!.
ـ أخيراً: كل الفنون قادرة على أن تكشف كم هي جميلة، والحديث عنها وحولها يكشف كم هي مهمّة، لكن لا شيء يكشف كم هي ضروريّة غير حضورها والتعامل معها واستخدامها!.