- الكتابة اليوميّة!، وأشعر أن في صدري وبين أصابعي طائرًا صغيرًا، يبحث عن رزقه كل صباح، طائرًا صغيرًا لا يعرف الجمع والتخزين، كل يوم بيومه، كل ما عليّ أن أكون نشيطًا.
- وتعلّمت سريعًا أمرًا عجيبًا: أن أقلق، وألا أكون قلقًا من قلقي!، فالأمور تتهادى كل مرّة بفضل الله تعالى وتتم الكتابة.
- مرّات يكون الكاتب اليومي متجليًّا، ويهب الله من الرزق الكثير، لا تغرب الشمس إلا وثلاثة مقالات على الأقل قد أُنجِزَت، لكن في الغالب لا شيء يُكتب إلا قبل ساعة، وربما أقل، من الوقت المطلوب لتسليم المقالة!.
- في الأوضاع الطبيعيّة، أقرأ ساعة أو أكثر قليلًا، قبل أن أبدأ الكتابة، ويكون الموضوع أصلًا غائمًا وغير محدد، أو غير معروف تمامًا، بعدها أشرع في الكتابة، وأهم ما فيها اقتناص الفكرة.
- ما زلت قديمًا وأحب رائحة الحبر والورق، على الأقل لا بد لي من كتابة أول سطرين على ورقة، بعد ذلك يمكن الاعتماد على أزرار الجهاز.
- وحين أكون محاطًا بالكتب أكون أكثر طمأنينة، مجرد شكل الكتب وهي تحيط بالكاتب تمنحه أُلفةً وأمانًا، أقول لنفسي: إن عجزت عن اختيار موضوع، فسوف أُقلّب فهارس عدد من الكتب، وسأجد إشارةً أو شرارةً!، وربما أرجع لبعض تخطيطاتي؛ فأجد ما يمكن تقويسه واستثماره مع نسبته إلى صاحبه مشكورًا.
- بعيدًا عن مكتبتي، في السفر تحديدًا، يصبح القلق أكثر انفلاتًا، ليس لغياب الكتب فحسب، لكن لأن الرِّتم اليومي يتغيّر، لكل مكان إيقاعه الخاص به، والذي يتسرّب دائمًا إلى الفكرة والكلمة، الإيقاع عطر!.
- الأمر الأهم بالنسبة للكاتب اليومي، كما أظن، هو الوثوق برحابة القارئ، وببساطة المسألة، الكتابة اليوميّة أقرب ما تكون إلى شرب فنجان قهوة مع القارئ، وحين تحدّثت قبل قليل عن تأثير المكان؛ فذلك لأن قهوة البيت دائمًا أطيب من قهوة السوق والمتاجر!، لكن القارئ اليومي سمح دائمًا ويتفهّم، وهو لحسن الحظ مشغول أيضًا!، ولا يريد أكثر من فنجان قهوة، وله الشكر والفضل إن أرادها!.
- مرّةً، قال لي صديق: مقالة اليوم أقل من المعهود والمنتظر!، رددت: الحمد لله الذي جعل لي كتابة معهودةً وأخرى مُنتَظرَة!.