يتساوى الطرح الإعلامي، مع النقاشات الجماهيرية، في اختيار الموضوعات التي يعتبرونها الأهم، دون أن تكون كذلك، ولا يختلف المتحدثون الرسميون في الأندية والاتحادات والإعلاميون المرموقون عن عامة الجماهير، في جعل الأقل أهمية أو ما لا أهمية له في مقدمة الاهتمامات، وعلى جدول الحوارات. في كل وسيلة ومناسبة وكل يوم.
هذا لا يعني التقليل من أهمية بعض التفاصيل الصغيرة في نظر البعض، التي ربما لها الدور الأبرز في خلق أجواء التنافس، أو شحذ روح الانتماء للأندية والنجوم، ما ينعكس إيجاباً على المشهد الكروي العام، الذي يعتمد في تصديره تسويقياً على مدى ارتباط الناس بالتنافس الكروي وحجم ما يعنيه لهم، لكن ذلك يبقى جزءاً من الصورة لا كلها، كما هو حاصل.
وعلى كثرة وتعدد منصات الإعلام والتواصل والفعاليات والمنتديات والمؤتمرات التي يعج بها الوسط الكروي في كل موسم، فإن القضايا الأهم لا تأخذ إلا الجزء الأقل إن تم تناولها، ولا يعود السبب لما قد يعتقده البعض أن ذلك مرده سياسة (ما يطلبه الجماهير أو المخرج عاوز كدا)، بقدر ما هو نقص في المعرفة بحقائق الأمور، ولكفاءة المهنية، وجهل بتفاصيل ودقائق الملفات المطروحة، التي تستدعي تحضيراً وبحثاً ومعلوماتياً واستيعاباً وتقديراً لما يمكن التحدث عنه أو جر الحوار إليه.
غير المبرر أن يضع الإعلامي الناقد أو المسؤول نفسه في موقع المشجع، الذي يمكنه قول أي شيء وكل شيء دون أن يخشى المساءلة، أو الظهور بمظهر الفاقد للمعلومة والمتحرر من القيود التي تنظم علاقته (الاعتبارية) بالطرف المتلقي، والسبب أنه استهون بصفته وتحول إلى (مسولفاتي)، يلوي عنق الحقائق بمعلومات غير صحيحة أو استشهادات غير متطابقة ويحاول مجاراة السمار من الحاضرين، حتى يحافظ على فرصته في البقاء بينهم.
مثال بسيط جداً، ولكم فيما بعد البحث عن غيره: هل يمكن أن يكون هناك أهم من الاطمئنان على برنامج اللجنة الأولمبية الذي أطلقته قبل أسابيع قليلة، إذا ما كان قائماً أو سيطرأ عليه تغيير، وقبل ذلك من هو رئيس اللجنة الآن؟ وهل سيعمل رئيس مجلس إدارة هيئة الرياضة عمل رئيس اللجنة، وإذا ما كان دخل بعد في تفاصيل عمل الأندية وجمعياتها العمومية، وملفات قضاياها من ديون وتخصيص ومنشآت وأنشطة وأين هو منها الآن؟ وماذا عن هيكلة الهيئة إدارياً ومالياً وغير ذلك؟.
أتعجب أشد العجب ممن مازالوا يطرحون أسئلة تمت الإجابة عنها مرات عدة، وممن يعيدون روايات على أنها صحيحة تم تكذيبها سلفاً بالبراهين، وممن يكررون محاولة إسباغ صفات الاستقلالية والأمانة والمصداقية على أنفسهم على الرغم من انكشاف زيف ذلك في محطات ومواقف متعددة، وممن ليس لهم من قيمة إلا بالتقليل والإساءة لغيرهم، ومازال من يتبناهم يحتفظ بهم.. وعجبي أكثر وأكثر من بعض الجهات المسؤولة حين تنتظر أن تتم دعوتها لأداء مهامها، وتخشى من المخالفين على نفسها إن هي بادرتهم.