ـ أحببته وأحبّه بعمق، وبعاطفة لا أجد لها سبباً، فهي تتخطّى جميع الأسباب المنطقية والجماليّة "القليلة" حتى أنه يكفيني فقط عشرة أيام متواصلة لتعدادها شرط أن يكون الحديث دون توقّف!..
ـ نعم أحب زيدان بعاطفة تتجاوز الأسباب، رغم وجودها، وهي عاطفة بلا مثيل إذا استثنيت أقرب الأهل وأعز الأصدقاء، فإن لم أستثنهم، كان زيدان من ضمنهم!..
ـ لا أتعامل مع زين الدين زيدان كمشجّع، بل كمحب، وحين تولّى تدريب الفريق الأول لريال مدريد، توتّرت وارتبكت، وخشيت عليه من الفشل الذي توقّعته له!..
ـ كنت أقول: كل عبقري نابغة في كرة القدم لا يصلح للتدريب، ما لم يكن إيطالياً أو ألمانيّاً!، وفي إيطاليا وألمانيا لا نوابغ أصلاً، باجيو وديلبييرو في إيطاليا، ورومنيجيه في ألمانيا، غيرهم يوجد لاعبون كبار عمالقة وجنود حرب لكن ليسوا نوابغ كرة قدم!..
ـ أمثال بيليه ومارادونا وزيدان ورونالدو البرازيل، وميسّي اليوم، لا يمكن لي الاقتناع بأنهم يستمعون أصلاً إلى خطط وتكتيكات المدربين، الأمر نفسه ينطبق على عبقريتي ماجد عبدالله ويوسف الثنيان عندنا مثلاً!، مثل هؤلاء تأكد فقط من جاهزيتهم البدنية ثم ارم بهم في الملعب، وهم يعرفون ما الذي يتوجّب عليهم فعله بمجرد دخولهم!..
ـ وأخمّن ضاحكاً فشل مارادونا كمدرب، أتخيله يقول للاعبه: ليس أمامك سوى ثلاثة مدافعين وحارس مرمى، راوغهم وسجّل!، واللاعب يبلع ريقه ويهمس لنفسه: لو كنت أقدر على ذلك لكنتُ مارادونا!..
ـ لذلك كنت أخمّن بحزن حقيقي فشل زيدان، وأكذب على نفسي وأبتكر في خيالي مقترحات وأفكار ولكنها أيضاً لا تنتصر على تخميناتي وظنوني!، وكم كانت المفاجأة كبيرة، زيدان روّض كل تخميناتي كما كان يفعل بالكرة تماماً، راوغ بمهارة كل ما ظننته خط دفاع منطقي صلب، ومرر للحقيقة تمريرة ساحرة لا تشبه إلا تمريراته أيام الركض، وسجّل الأهداف من كل زاوية وطريقة، زيدان عاد للعب!.
ـ تغريدة رائعة لحامد الحارثي: "من لم يشاهد زيدان في قمّته، لا تذهب لليوتيوب، شاهد ما قدّمه الريال من قوّة وثقة وسلاسة وهدوء ودِقّة وأناقة وروح في الأداء: هكذا كان زيدان اللاعب"!..
ـ اليوم وبعد أربع بطولات متتالية، في موسم ونصف تقريباً لزيدان كمدرب، يمكن للعقل أن يعود ليجلس على الطاولة ونتفاهم!..
ـ أهم أشكال زيدان كمدرّب، كانت ثقته في نفسه، وجسارته في التصرّف، قال لي فارس عوض مرة: هذا رجل يمكنه مواجهة عدم ثقة الجميع فيه، بجميع ثقته في نفسه وينتصر!..
ـ زيدان كمدرّب خلط الجغرافيا: نابغة عربي علّم كرة القدم اللغة الفرنسيّة، أحب فتاة إسبانية ففتحت له إسبانيا ذراعيها، وحين صار أباً ومدرّباً، قام بتربية أولاده وتدريب لاعبيه بفهم إيطالي خالص!..
ـ في كثير من الأحيان، على العبقري أن يربك الجغرافيا، ليُطعم التاريخ أمناً وطمأنينة!..
ـ أمر آخر ساعد زيدان كثيراً فيما أظن، هو أنه لم يفقد شيئاً من بريقه في عيون جماهير ريال مدريد كنجم أسطوري لا يتكرر، ليس في عيون الجماهير فقط، لكن في عيون لاعبي الفريق أيضاً، وأولهم كريستيانو رونالدو، الذي يمكن له التعالي على قرارات أي مدرّب، وسيضمن وقوف الجميع معه، باستثناء زيدان، لا الجمهور سيقف معه، وهو نفسه كلاعب فذ وغير مسبوق سيخجل من نفسه، في النهاية هذا زيدان!..
ـ مواجهة اليوفي المقبلة، رهان جديد، وهو أكثر رهانات الموسم صعوبة، قد يكسبه زيدان وهو ما أتمناه، وقد يخسره وهذه كرة القدم، الأكيد أن زيدان كسب نفسه ولن يخسر من تواضعه العذب شيئاً!..
ـ أمّا لماذا وضعت علامَتَيْ تعجّب أمام اسم زين الدين زيدان في عنوان المقالة، فذلك لأتخيّله يراوغهما أو يمرر من بينهما أو يتعامل معهما كقائمي مرمى ويُسجِّل!.