"الحلم سيد الأخلاق" والتاريخ السعودي يشهد بأن كل ملوك المملكة العربية السعودية يتميزون بصفة "الحلم"، والشواهد على ذلك كثيرة في المواقف السياسية والعسكرية والاقتصادية والرياضية وغيرها، وربما يكون "الحلم" أهم صفات القائد الناجح الذي يستطيع اتخاذ القرارات الصحيحة في الوقت الصحيح لأنه لا يتعجل النتائج ولا يتسرع في الحكم، ولكن الرسول عليه الصلاة والسلام حذرنا من "غضب الحليم".
في الثاني من أغسطس 1990 قام "صدام حسين" باحتلال الكويت في جريمة لم يشهد لها التاريخ مثيلاً فيما يتعلق بحقوق الجوار، وربما لا يتذكر الشباب من القراء كيف كانت ردة فعل الملك فهد رحمه الله الذي استجمع كل مهارات الحلم وقوى الصبر على مدى أربعة أيام استنفذ فيها كل الوسائل السلمية لحل أزمة الكويت، وبعد الوصول إلى طريق مسدود مع الغازي "صدام" تفجر "غضب الحليم" فقاد "عاصفة الصحراء" التي انتهت بالتحرير.
كانت المملكة العربية والسعودية ولازالت وستبقى الراعي الأول لمصالح دول مجلس التعاون فهي الحاضن لمقر المجلس ومركز الثقل الأكبر فيه، ولذلك يشهد التاريخ لولاة أمرنا أنهم يقدمون المثل الأعلى في الحلم وسعة البال وطول الصبر لمعالجة الأزمات التي تنشأ في البيت الكبير لعائلة مجلس التعاون الخليجي، والمتابع للشأن الخليجي يعلم يقيناً أن القيادة السعودية تقوم دائماً بالدور الأبوي الذي يحتوي الأشقاء ويذيب خلافاتهم ويقرب وجهات النظر بينهم.
ولكن "الحليم غضب" بعد أن استنفذ كافة الحلول ووجد من قيادة "قطر" ما لا يمكن السكوت عليه من التجاوزات السياسية والدبلوماسية والأمنية والإعلامية وغيرها، فأصدرت الجهات المسؤولة بياناً صارماً بقطع العلاقات وإبراز المبررات التي أدت إلى "غضب الحليم"، ولكنها ختمت البيان بالنص التالي: "وتؤكد المملكة العربية السعودية أنها صبرت طويلاً رغم استمرار السلطات في الدوحة على التملص من التزاماتها والتآمر عليها حرصاً منها على الشعب القطري الذي هو امتداد طبيعي وأصيل لإخوانه في المملكة وجزء من أرومتها وستظل المملكة سنداً للشعب القطري الشقيق وداعمة لأمنه واستقراره بغض النظر عمّا ترتكبه السلطات في الدوحة من ممارسات عدائية".
تغريدة tweet:
بلغة الرياضة نقول "الكرة الآن في ملعب الحكومة القطرية" التي ينتظر منها الشعب القطري أولاً وبقية شعوب الخليج ثانياً أن تبادر لإصلاح ما أفسدته سياستها من ممارسات خاطئة وعدائية أوضحها البيان السعودي كمبررات للمقاطعة الصارمة الحازمة، وكأنه يقول للعالم الذي عهد سياسة الحلم والصبر بأن قادة المملكة العربية السعودية قد استنفذوا كافة الحلول ومنحوا كامل الفرص وصبروا كثيراً ولذلك "غضب الحليم"، وعلى المنصات الرمضانية نلتقي،،