ـ أنواع رسائل التفاعل المضادة في شبكات التواصل هذه الأيام:
ـ رسائل شاتمة ومسيئة، ومشككة في عروبتك ودينك، وبالنسبة لوطنيتك فأنت متّهم بالنفاق و"التطبيل".
ـ معظم هذه الرسائل وهمي وزائف، له جهة وليس له أصحاب، غير أن عدداً منها يمثّل أصحابه فعلاً، ولأصحابه وجود حقيقي، حتى وإن كانت الأسماء مستعارة.
ـ أما الشّاتم البذيء المسيء، أعزّكم الله، فقد جمع الوساخة وملأ بها فمه، والغاية أن يلطّخ بها ظِلال ثيابك.
ـ وهو مشهد يؤكد أنّ البذاءة غباء وحمق وقِلّة حيلةٍ وانعدام عقلٍ قبل أن تكون سوء خلق.
ـ الأنسب الأطيب هنا ترك البذيء ينبح بعيداً، ولسوف يظل بعيداً ما لم تقترب أنت منه، فلا تقترب ولا تكترث.
ـ وأمّا المشكّك في عروبتك ودينك، فإنه نابح أقل غباءً من البذيء الشتّام بقليل، مطمعه أن ترد، فإن رددت تداخلت، وإن تداخلت دخلت، وإن دخلت شتم وأساء، فإن تركته وشأنه بعدها، صار تركك له هروباً منه، وإن رددت عليه انتصر.
ـ فأنتَ لا تنتصر على بذيء إلا في هزيمتين، الأولى أن يغلبك بذاءة، والثانية أن تغلبه بذاءة.
ـ ثمّ إنك ما أن تقبل الدفاع عن نفسك هنا، حتى تكون قد قَبِلْتَ التّهمة أصلاً.
هنا تكون قد ناصرتَ ظالماً لكَ بظالمٍ منك، فاحذر.
ـ أمّا عن الوطن، فإنه لا يتّهمك هذه الأيام بوطنيّتك إلا كارهٌ لها، أو غير مؤمنٍ بها يُفضِّل عليها حزبه أو جماعته حتى وإن لم يكن هو نفسه منتمياً رسمياً لحزب أو جماعة، تعاطفه الداخلي وثقافته المهلهلة ونَيء فكره، أمور تكفي لانحيازه وميله.
ـ مثل هؤلاء لستَ مُلزماً بإثبات شيء لهم، وهم مثل من سبقهم لا يريدون منك سوى التداخل فالدخول فالوقوع في المصيدة، أو يكونوا أكثر ذكاءً ممن سبقهم فلا تتخطى مطامعهم إسكاتك، فإن سكتّ عن الدفاع عن وطنك، حلّ محلّ صوتك العذب صوت نشاز منهم يطربون له ويصفّقون.
ـ الأطيب الأنسب هنا أن لا ترد عليهم، لكن أن لا تكفّ أيضاً عن الدفاع عن وطنك، وانتقاء كلمات حب وولاء لائقة به.
ـ وما هو وطنك؟، عرِّفه وقت السِّعة والسِّلم شعراً ونثراً كما تشاء، لكنه وقت الضيق والأزمات لا يُعرّف بغير أمرين: حدودك وقيادتك.
ـ في مثل هذه الأوقات، إن كان قولك: سمعاً وطاعة، سمعاً وطاعة، سمعاً وطاعة، يُعدّ "تطبيلاً"، فما أكرمها وما أحلاها وما أطيبها من تهمة، بمثل هذه التُّهَم تُرفع الأعلام والجِباه، طبِّل، فقد طاب الغناء.
ـ أخيراً، هناك رسائل تفاعل مُضادّة، أعلى ذكاءً من سابقاتها، يقول لك أصحابها كلاماً شبيهاً بـ: وما أدراك بالحقيقة؟، وما عرّفك ببواطن الأمور؟، وهل أنت واثق من السياسة وأهلها؟، الخ.....
ـ هؤلاء هم الأخبث الأجبن غالباً، ورأيي أن عدم الرد أيضاً هو الأنسب والأطيب، ما لم تستشعر طيبةً وبراءة في السؤال، الأساس دائماً أنك غير ملزمٍ بالرّد، وهو ما أُفضِّله لي ولك، وفي النهاية فإن الرّد القاطع بالنسبة لي: ما يقوله وطني ممثّلاً بقيادته وبجهاته الرسمية، يمثل بالنسبة لي حقائق لا تقبل التشكيك ولا الجدل ولا النقاش.