أوقفت السعودية استيراد أجهزة استقبال "بي إن سبورت" وتجديد الاشتراك فيها، في الوقت الذي تشير فيه الأنباء إلى النية لكسر احتكار هذه الشبكة لحقوق نقل العديد من المسابقات الآسيوية والإفريقية والعالمية أيضا في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
هذا الاحتكار الظالم الذي تحدث عنه الكثير في السنوات الماضية، وحرمان 21 بلدا عربيا من مشاهدة كرة القدم إلا بمقابل، عكس بقية المناطق في قارات العالم المختلفة قارب على النهاية، ليعتبر أهم المكاسب الرياضية التي تتحقق لمواطني البلدان العربية من أزمة قطر مع أشقائها في دول الخليج.
علق بعض السعوديين بأن حكومة بلادهم بدأت تفهم أخيرا السياسة القطرية عبر اختراق الرياضة واحتكارها في البلدان العربية، وتحديدا في السوق السعودي الذي بلغ عدد مشتركيه في هذه الشبكة 700 ألف مشترك، يضخون حوالي 1.2 مليار دولار سنويا في الخزينة القطرية المالكة لهذه الشبكة، بينما سخر بعض المغردين من حسابات قطرية مشبوهة من ذلك، مشيرين بسخرية إلى الدهاء السعودي، الذي لم يستطع كشف ذلك سوى بعد أكثر من 13 عاما من إنشاء الشبكة.
وهنا لا بد من القول إن الحكومة السعودية لم يغب عنها ذلك الهدف السياسي الذي أنشأت من أجله قطر هذه الشبكة الرياضية، إلا أن سكوتها عن ذلك طيلة الأعوام الماضية لم يكن سوى ورقة من أوراق الصبر السعودي التي احتواها الملف من عام 96 وبعد انقلاب الابن على أبيه في قطر.
السعودية تغاضت طيلة العقدين الماضيين عن الكثير من الاستفزازات القطرية والأشواك العديدة التي تزرعها الدوحة لجيرانها، والتي تفوق هذه الخطوة القطرية التي عبرت طريق الرياضة، فما تحويه التسجيلات التي تملكها الحكومة السعودية بعضها نشر والأخطر لم ينشر حتى الآن، تؤكد سياسة الصبر السعودية منذ عشرين عاما على الجار الغادر.
مخطئ من يعتقد أن هذه الأزمة هي الثانية فقط بين السعودية وأشقائها من جهة وبين قطر بعد أزمة 2014 التي تم سحب السفراء خلالها، ولكن السياسة السعودية تعاملت مع الأزمات والأشواك التي تزرعها قطر بحكمة ودبلوماسية بعيدة عن الأنظار منذ العام 96 رغم الأزمات التي مرت بها العلاقات كل عام بسبب السياسات القطرية المتهورة والغادرة.
لم تشأ السعودية أن تظهر هذه الخلافات على السطح، ولم تتمن أن تكشف سوءات السياسة القطرية للعلن وتفضحها أمام الشعوب الخليجية والعالم بأسره، حتى بدأت الدماء السعودية والإماراتية والبحرينية تسيل بفعل دعم قطر للإرهاب وإثارة القلاقل في بلدان الخليج.
مكاسب عدة ستحققها السعودية من سياسة الحزم لم تستطع أن تحقيقها بسياسة الصبر التي انتهجتها طوال عشرين عاما، هذه إحداها في الجانب الرياضي ناهيك عن مكاسب كبرى ستتحقق لشعوب المنطقة من خلال تحقيق الأمن والأمان والرفاه لشعوب المنطقة، وقطع أيادي الحكومة القطرية الداعمة للإرهاب والفتن.
على المستوى المحلي، أظن أن المكتسبات توالت منذ اليوم الأول للأزمة والمقاطعة، لعل أبرزها كشف الطابور الخامس في السعودية وكشف المتنعمين بالأموال القطرية المشبوهة والتابعين لأيدلوجيات وتنظيمات خارجية على حساب الوطن والمواطنة.
شكرا قطر وشكرا لهذه الأزمة، والشكر أولا لله ثم لسياسة الحزم التي كشفت أصدقاءنا من أعدائنا.