"نورة" بنت أخوي طالبة في الصف الثالث ثانوي، قسمتهن المشرفة إلى مجموعات وكلفتهن بمشروع تخرّج، وحين اجتمعت مجموعة الطالبات لاختيار الموضوع قالت "نورة" سيكون مشروعنا معرض يرصد سيرة المغفور له بإذن الله "سعود الفيصل"، ومن باب النقاش والتشاور سألت إحدى الطالبات: لماذا سعود الفيصل؟ فتسابقت الدموع والكلمات لفتاة لا تعرف الكثير عن السياسة ولكنها تعرف كيف توقّف العالم واجماً حزيناً في مثل هذا اليوم.
في الثاني والعشرين من شهر رمضان المبارك 1436هـ نعى الديوان الملكي السعودي لكل أرجاء الأرض وفاة أفضل ديبلوماسي عرفه التاريخ الحديث، حيث عايش "سعود الفيصل" جميع الأزمات السياسية التي كانت تعصف بالعالم من حولنا فيهتز كل شيء إلا وزير الخارجية السعودي الذي يتعامل بهدوء وحكمة مع العواصف، وكأنه رُبان ماهر لسفينة تمخر عباب بحر متلاطم الأمواج، كان السياسيون يصرخون ويهددون ويرعدون ويتراعدون بينما "سعود الفيصل" يقول بهدوء: "نحن دعاة سلام ولكن إذا قرعت الحرب طبولها فنحن لها".
بمثل هذه العبارات الصارمة الصادقة كان وزير خارجية السعودية والخليج والعرب والعالم يسيطر على الاضطرابات من حولنا ويخرجنا منها سالمين بفضل الله ثم بحكمته التي ورثها عن والده، فكانت ثقة ملوك المملكة العربية السعودية تتزايد في الوزير الحكيم الذي تمكن منه المرض فأجبره على الترجل عن مقعد قبطان السفينة التي كان يقودها بمهارة أربعين عاما.
رحل "سعود الفيصل" لكن "نورة المدلج" وكثير من شباب الوطن وكباره من الجنسين يدينون للوزير الراحل بالفضل لأنه استطاع أن يجنب مجتمعنا الكثير من القلاقل والمحن التي عصفت بمن حولنا، وهو يستلهم الحكمة من والده "الفيصل" ثم من الملوك الذين أولوه ثقتهم "فهد وعبدالله" رحمهما الله وتاج الحكمة والحزم "سلمان" حفظه الله، ولذلك سيبقى "سعود الفيصل" حاضراً في ذاكرة الأجيال على مرّ العصور لأن مثله لا ينسى ويستحق منا "الوفاء".
تغريدة tweet:
في يوم رحيل الأمير الوزير المغفور له بإذن الله "سعود الفيصل" طالبت مع غيري بتخليد ذكراه بتطوير "المعهد الديبلوماسي" ليكون جامعة متخصصة في العلوم السياسية تسمى "جامعة سعود الفيصل"، وقد تمّت تسمية المعهد بلمسة وفاء من قيادتنا الحكيمة، ولكنني أنتظر مثل غيري ولادة الجامعة التي تحمل اسم أعظم وأحكم وزير خارجية عرفه التاريخ الحديث، ويقيني أن الملك سلمان وولي عهده الأمين محمد بن نايف وولي ولي العهد محمد بن سلمان حفظهم الله مدارس في الوفاء حريصون على تكريم الراحل بجامعة متكاملة تتناسب مع تكامل "سعود الفيصل"، وعلى منصات الخير نلتقي،،