ـ كل مقولاتنا عن الزمن، وكل تعريفاتنا له: مَجازِيّة!، يبدو أنه من المستحيل فعلاً ملاقاة الزمن بشخصه، والإمساك به بذاته!.
ـ ربما ابتكر الإنسان حيلة الفنون، لمواجهة أمرين بشكل مباشر: الموت والزمن!، كل ما عداهما يمكن تقويسه، الإمساك به، أو الإشارة إليه وجهاً ووجهة، بمعنى أو بآخر، يُمكن للعِلم أن يتكفّل به!.
ـ ليست الفنون في الشأن أعلى من العِلم، وهي بالتأكيد ليست أكثر ولا أعمّ منفعة، غير أن الفنون تأخذ مكانتها العالية، وتكسب في تراتبيّة الفِكْر قيمتها التي تتقدّم بها على العلوم، لأن الفنون تسدّ فراغاً كان يمكن له أن يكون مُوجعاً وشديد الأذى، بين الدين والعِلم!.
يتطلّب الدينُ اليقينَ، و اليقين لا يبدأ من الشك، أو ربما يبدأ، غير أن الوصول إليه لا يحدث بتراتبية المعارف الخبرات، و لكن بالهَدْي من الله، شعاع يضيء في قلب الإنسان، و نور ينتشر في صدره، فيكشف له حقيقة الوجود و ما بعد الوجود و ما فوق الوجود!،.
ـ ربما احتاج الإنسان لقليل من الأسئلة في شأن الدين، ليست الأسئلة هي الضرورية ولكن الإخلاص فيها ولها، لأن جواب الدين النهائي لا يصعد السّلّم درجة درجة، قد يصعد ثلاث أو أربع أو خمس درجات متتابعة، لكنه فجأة يقفز قفزته الهائلة، ويسبح في الملكوت دون سُلّم، يصير الإنسان حينها، وبعدها، مثل السماء، مرفوعٌ بلا عَمَد!،.
ـ العقيدة يقين، واليقين بلا صاحب ولا ظلٍّ ولا نقيض، يكتفي بذاته!.
ـ العِلم كلّه أسئلة وشكوك، ودرجات، وبناء فوق بناء فوق بناء، كل ما لا يقبل الشك ليس علماً، وكل ما يكتفي بوصول ليس علماً، ونحن فيما لو استثنينا بعض ما تسمح به المَجَازات، أمكننا القول إن كل ما لا يتحوّل في نهاية المطاف إلى معادلة حسابيّة ليس علماً بالمعنى الدقيق والخالص لكلمة عِلْم!.
ـ الفنون بين الدين والعلم، هي الشعور وهي الحس وهي الظنون التي تبقى ظنوناً على الدوام، الحِس أقل من اليقين ويستمد منه الكثير، وأعلى من المعرفة التي يستمد منها الكثير أيضاً، لكنه في نهاية المطاف لا يقين ولا معرفة!.
ـ عن طريق الفنون فقط، يمكننا إنشاء صيغة، قل ألف صيغة وصيغة، للموت والزمن، كل صيغة يُمكن محاكاتها، وتأمّلها، والاستمتاع بها حتى في الحزن بسببها!.
فالفنون تعرف أن سرّ قوتها في المتعة وليست في الفائدة!.