|


أحمد الفهيد
ضوءٌ يهبُّ من عتمة "السرّ" و"الشعر"
2017-07-15

(١)

قبل أيام أزاح معالي المستشار سعود القحطاني «ضاري» العتمة عن قصائده، فهبَّ الضوء من كلماتها.. تفاجأتُ حقًّا، لم يمر في ظني يومًا أنه شاعر، كان بارعًا جدًّا في إخفاء نفسه؛ لذا حين أفصح عنها ذُهلت لسببين:

الأول: فشلي ـ كما غيري ـ في التلصص على قلبه، وعلى المُخبأ في أدراج أسراره، وعلى الشعر العالق بين كلماته، فلم يعلم أي منا أنه شاعر.

الثاني: أنه لم يخفِ الشاعر وحسب.. بل أخفى شعرًا عظيمًا يضيق السر بتحمل ذنب إبعاده عن أعين الناس، وقلوبهم!

(٢)

ربما لا يمنحه رأيي زهوًا، ولا زهرًا، فهو يعرف نفسه جيدًا، يعلم أنه يؤدي الشعر بشكل بارع، لكنني تورطت بهذا الطبع أن أكتب عن كل من يدهشني، وما يدهشني، لأقول له وعنه: «أنت رائع، أنت تستحق التبجيل، أنت يجب أن تستمر في إبقاء مصابيحك مضاءة؛ ليتبدد الظلام الذي يسكن قلوبنا»، هكذا فعلت دائمًا، وسأبقى أفعل ذلك.. تورطت بهذه العادة وانتهى الأمر.

(٣)

.. ولذا سأقول رأيي عن الذي سمعته: مبهر، متمكن، الكلمات تلد معانيها بشكل طبيعي، والمعاني تذهب إلى مكانها مباشرة، لا تتأخر ولا تتقدم، ليست كبيرة على أمكنتها ولا صغيرة، إنها تختار الحيز المناسب لحجمها؛ ولذلك لا نراها بصورة مشوشة أو مشوهة.

(٤)

.. وفوق هذا كله، البناء الشعري متماسك، ويبسط يديه كأرض ممهدة للعبور، ولا ينحرف عن مساره في السرد التسلسلي للقصيدة.

كما أن الفخر، والحب، يلتقيان في منتصف الطريق، فلا يطغيان على بعضهما، ولا لهاث في صدر أحدهما أشد من الثاني، ولهذا كانت الأعمال الثلاثة «عظيمة»، وتشرح الصدر.

(٥)

أتمنى صدقًا أن يُفصح «ضاري» قريبًا عن شعرِه الآخر، حيث الإنسان بانفعالاته، وتقلب مزاجه، وانكساره في أحضان امرأة يظن أنه يحبها، ومحاولاته لاصطياد قلب طفلة للتو كبرت وصارت حبيبة.

(٦)

أخيرًا: شكرًا «ضاري» على الشعر الذي أتيت به، وشكرًا أكثر على الشعر العاطفي الذي ستأتي به لاحقًا، لأنني متأكد أنه سيكون مبهرًا، وسيملأ القلب رعشة، ودهشة.. وسنفوز من كل قصيدة ـ على الأقل ـ ببيت جميل، وفريد في فِكرته وفي سكرته.