|


سعد المهدي
النقاش الآن حول القضايا الخلافيه أفضل
2017-07-20

الموضوعية هي بالنسبة لي قمة الحياد، حيث يمكن لها أن تجعل الرأي أكثر صوابا والنقل أدق، وهي من تمنح المتلقي فرصة أن يعرف أكثر وأقرب إلى اتخاذ الموقف الأنسب من الحدث أو القضية، بشرط أن يكون قادرا على التفريق بين الموضوعية من جانب والحياد أو الانحياز بمفهومهما السلبي من جانب آخر.

 

هذا يحدث حين نضطر للدخول على خط حادثة أو قضية نشبت للتو ولم تخمد نارها بعد، حيث يتحول نقل الخبر أو التعليق عليه إما مع أو ضد، والحوار إلى جدل يجر معه القديم مع الجديد، وماله علاقة بمحور الموضوع مع مالايمت له بصلة، والسبب أن الموضوعية تغيب أو يتم تغييبها للرغبة في لعب دور المحامي أكثر من الإعلامي أو الناقد المتخصص وصاحب الرأي، ومن ذلك دائما ماكنت أتمنى أن يعاد طرح القضايا في ظروف تسمح بالوصول إلى معالجات أكثر قربا إلى مايجب أن تكون عليه في الأصل.

 

يقول ليستر ماركل عن ضرورة الموضوعية "إننا لسنا صناعاً للأحداث، ولكن نحن نجمع الأحداث ونحولها من خلال الكلمات إلى معلومات مفهومة، وإن الذي يراه الصحفي هو خبر والذي يعرفه هو خلفية الخبر، أما الذي يشعر به فهو رأيه في الخبر. وما قاله ماركل هو مامهدت له الدكتورة إجلال خليفة، التي افترضت أنه إلى جانب صفات الدقة والوضوح والسرعة، هناك صفة رابعة لابد منها وهي الموضوعية، لأن المتلقي يريد معرفة الخبر من واقعه لا من صنع خيال المحرر.

 

الاصطفاف يمكن قبوله بعد أن يتبين كل شيء للمؤيد والمعارض، لأنه سيقرر إلى أي اتجاه يمكن له أن يسير إما قناعة أو انحيازا، وفي كلا الحالين لابأس، بشرط أن يكون قد أحسن فهم الحدث وأدركه وحلله بموضوعية، راعى فيه عناصره ومعلوماته وتفاصيله الحقيقية وليست المتخيلة، هذا لايحدث في إعلامنا، والسبب أننا نصنع الأحداث لا نجمعها، وإن جمعناها إلى كلمات لا نحولها إلى معلومات مفهومة.

 

من ذلك، تجد المتلقي اعتاد أن يبحث عن الخبر وخلفياته والتعليق عليه من جهة محددة، ليسمعه كما يريد لا كما حدث، يبتهج بالتحليل والتعليق اللذين يزكيان رغبته وتملأه بالثقة في إنه دائما على صواب، هذه مسؤولية أيضا يتحملها المتلقي الذي ساهم في إفساد الموضوعية وبحث عن الانحياز، ومن هنا أيضا نفهم كيف تتصاعد نجومية الإعلامي والناقد والمحلل، الذي يقول مايريده طيف من المتلقين هو يعلم يقيناً أنهم في انتظاره بالتهليل والمؤازرة. 

 

لا سبيل لطرح قضايانا في التحكيم أو الاحتراف وحتى الاستثمار والإدارة أو غيرها من ما يهم رياضتنا، إلا بعد وقت من أي حادثة أو خلاف حولها، حتى نضمن أن نجد ولو شيئاً من الموضوعية لتقف في وجه إصرارنا، على أن (مع وضد) هي همنا كإعلام وإعلاميين، أثق أنه لو تم طرح أم قضايانا التي شغلت الموسم كاملا في فترة التوقف هذه مثلا، لاكتشفنا أن حلها في فقرة لائحة أو في يد مرتجف لم تتخذ القرار.