في الخامس من رمضان الفائت "قبل 53 يومًا"، سألت هنا سؤالًا مباشرًا، لا غموض فيه ولا مواربة، ولا استحياء، فكما أنه لا حياء في «العلم»، لا حياء في البحث عن «المعلومات»، كان السؤال صريحًا، فصيحًا، لا لثغة فيه، ولا عُقدةٌ في لسانه، كان سؤالًا «نزيهًا» يتحرى الحقيقة، ويتحرر بالحق من إصفاد جهْلِه: «أين ذهبت الـ 87 مليون ريال المعلنة، وكيف طُمست هكذا ببساطة؟!».
كان رئيس الاتحاد السعودي لكرة القدم، قد أعلن في حوار تلفزيوني مباشر: «إن اتحاد اللعبة محاصر بديون ورثها من الإدارة السابقة لسوء واضح في تدبير الأمور، ولوجود مخالفات»، وقدَّر هذه الديون «عدًَّا» في الحوار نفسه بأنها 194 مليون ريال، مستحقة الدفع الآن، ووصمها بأنها ديون قصيرة الأجل!
بعد أشهر من هذا التصريح المُتشكِك في نزاهة المجلس السابق، اجتمع القوم "آل المجلس القديم، وآل المجلس الجديد" 3 ساعات في «المنامة»، ووقعوا إقرارًا يقوم مقام «إبراء الذمة» ينص على أن الديون «13 مليونًا فقط، وليست 194 كما أُعلن»!
وبخصم قيمة الشرط الجزائي "91 مليون ريال"، الذي دفعته وزارة المالية للمدرب الهولندي فرانك ريكارد، والملايين الثلاثة المستحقة لوكيل أعمال مدرب المنتخب السعودي لوبيز كارو، والتي لم تدرج في المركز المالي، فإن هناك 87 مليون ريال طُمست في هذا الاجتماع، ثم صمت الكل، وقيل لهذه الحادثة: «تبخري وكأنكِ لم تكوني يومًا».. وقيل لنا: «كونوا صُمًّا بُكْمًا عُمْيًا، وكأنكم لا تعقلون»!
قاومت - كما آخرون «ربما» - هذا التمييع المتعمد للتفاصيل، هذا الانصراف المريب عن التوضيح، هذا الانزواء «الفاضح» في الركن المُعتم من مشهد المال «السائب»، الذائب في «أرصدة» السكوت وصدور الساكتين، قاومته بالسؤال التالي: «أين ذهبت 87 مليون ريال، وكيف طُمست هكذا ببساطة؟!».. وكمن يثق بهطول المطر في فصل الشتاء، كتبت حينها: «لا تتوقعوا أن نسمع منكم كلامًا مغلفًا باتهامات الانتهاكات، والتلاعب، وهدر المال العام ثم نسكت، لأنكم قررتم السكوت! أما وقد تكلمتم من دون أن يرغمكم أحد على الكلام، فإنه صار واجبًا عليكم أن نحصل منكم على إجابة واضحة، تبرأ بها ذمتكم وذمة من قبلكم»!
وحتى الآن لم نسمع جوابًا، لكننا ـ أنا، و«ربما» آخرون معي ـ لن نتوقف عن طرح السؤال نفسه، لن نكف عن تفتيش الملفات حتى نجد الورقة الممنوعة من النشر.
فإما أن الرئيس الجديد قال كلامًا "غير صحيح، وقيد أيدي الذين سبقوه بسلسلة من الاتهامات الباطلة"، وعليه أن يفك الأغلال، ويشرح، ويعتذر .. وإما أن هناك إساءة استخدام للمال العام، وهدر غير مسؤول، برعاية "الرئيس القديم"، وعليه أن يوضح، ويعتذر، ويعيد الأشياء إلى خزائنها!
السؤال سهل، سهل جدًّا.. فلماذا إجابته صعبة؟!
يتبع..