أسبوع كامل من الكلام الطويل، الطويل جدًّا، مرة يرتدي عباءة اللطف، والعطف، واللين، ومرة يرتدي مأزر التهديد والوعيد، ومرَّات لا تحصى كان يحضر وهو يلبس عِمامة النقد والتشريح و«الشرشحة» والترشيح.
تشريح الأسباب التي يَمَّمَت قلب المهاجم البرازيلي نيمار داسيلفا نحو العاصمة الفرنسية باريس، حيث «ملعب الأمراء»، مرتديًا قميص فريقها «الأزرق»، و«شرشحة» اللاعب نفسه، ونعته بالخائن حينًا، والجشع حينًا آخر، والغبي أحيانًا كثيرة، و«ترشيحه» في مواضع صغيرة من الكلام للفوز بجائزة أفضل لاعب في أوروبا، التي يقول أولو «التخمين» إنه اختار ارتداء قميص «باريس سان جيرمان» ليفوز بها، بعد أن بقيت 9 أعوام متتالية محصورة بين العملاقين الساحرين، البرتغالي كريستيانو رونالدو، والأرجنتيني ليونيل ميسي، ليعيد الحياة والهيبة والفخر لكرة القدم البرازيلية التي توقف نهر أبطالها عن الجريان عام 2007، حين توج كاكا باللقب للمرة الأولى والأخيرة في سيرته ومسيرته.
.. وبغض النظر عن الكلام ـ ما طال منه وما قَصَر ـ، تمت الصفقة، وصار برشلونة ذكرى أخرى في عقل وقلب اللاعب البرازيلي، الذي أزعجه «ربما» أن يكون ترتيبه الثاني في قائمة الاهتمام البرشلونية، فأزيحت من أمام وجهه بعض الكاميرات الكثيرة التي كانت تلاحقه، وسحبت من فوق طاولته عقود إعلانية تصب المال صبًّا، وذهبت كلها لميسي ـ أفضل لاعب في العالم 5 مرات ـ، المعجزة الذي جعل الفوز في كرة القدم عملاً سهلاً جدًّا.. هذا الانزعاج لا يعني الكراهية أبدًا، ولا يمس حفلة الحُب الصاخبة «الأخيرة» بينهما، والتي بلغت تبادل رسائل الإعجاب علانية، وهو انزعاج حميد؛ لأنه يقتفي أثر الفوز، ويغذي الرغبة في تحقيقه، صحيح أنها أنانية لكنها في محلها.
كان أمرًا طبيعيًّا أن يكون نيمار اللاعب رقم 2، وكل من سيأتي إلى برشلونة عليه أن يعلم ذلك جيدًا، لا أحد قبل ميسي، ولا أحد فوقه، وكرة القدم نفسها لولا خجلها من العمالقة الذين صنعوا تاريخها ومتعتها، لكانت وضعته على رأسها.
ولذلك، كانت مغادرة نيمار شيئًا متوقعًا، فما الذي يمكن توقعه من لاعب «برازيلي» في وجود هذا المال الهائل المرصوص في تسعة أرقام داخل عرض الانتقال "222 مليون يورو"؟!. بالتأكيد ستكون «المغادرة حالاً، حالاً»، ليس ضروريًّا أن ترتدي حتى حذاءك، المهم أن تغادر الآن، إن فكرت ستتأخر، وإن تأخرت سيذهب.. عرض كهذا لا ينتظر أحدًا، ولا يحدث دائمًا.
فغَادَر «الغَادِر» كما ينعته مدرجٌ من البرشلونيين الساخطين، وكله إصرار أن يمنح الفرقة الفرنسية بطولة دوري أبطال أوروبا للمرة الأولى في تاريخها، وأن يمنح نفسه جائزة أفضل لاعب في العالم للمرة الأولى في تاريخه، فوزان عظيمان لو تحققا، لكن هل هذا ممكن؟!.
بالنسبة لي «خروج نيمار من برشلونة له اتجاه واحد فقط: العودة إلى الوراء».. تمامًا كما قال الإنجليزي المعتزل غاري لينيكر "هداف كأس العالم 1986"، ليس لأنه لاعب عادي، لا، هو لاعب مبهر، لكنه لا يستطيع القيام بشيء وحده، يحتاج إلى المساعدة دائمًا ليبدو بطلاً، ليس ليونيل ميسي ولن يكون كريستيانو رونالد أبدًا، أبدًا.. ولن يصير يومًا كما كان ابن جلدته المُبجَّل رونالدو دي ليما.