|


د. سعود المصيبيح
كل شيء ينمو
2008-07-29
ظاهرة هروب العمالة من كفلائهم ظاهرة مقلقة ومزعجة وتعاني منها شريحة كبيرة من المواطنين، ذلك لأن العامل جاء للعمل وهناك عقد ملزم له أن يعمل وفق ما تم في بلده، وبالتالي الواجب الأخلاقي والقانوني هو أن يعمل عند من استقدمه، ويفترض أن استقدامه جاء لحاجة لذلك، وهنا الهروب يعد جريمة قانونية ومخالفة أمنية كبيرة تستوجب الحزم والعقاب والتشدد.. والمشكلة أن هذه العمالة تهرب لتجد من يتلقفها ويعطيها ضعف راتبها، كما أن ذلك يعطيها مرونة في التحرك واتخاذ أساليب مختلفة حتى لو كانت غير مشروعة من أجل الكسب السريع، إضافة إلى ارتكاب الجرائم لتعذر التعرف عليه ومعرفة عنوانه من واقع إقامته والسجل الموجود في الحاسب الآلي، لذا فهي ظاهرة خطيرة ينبغي التصدي لها بحزم لأنها مصدر كبير للجرائم التي ترتكبها العمالة.. وأرى أن الحلول لهذه الظاهرة تتمثل في الآتي:
ـ حسن اختيار العمالة من بلدها، وذلك بضبط هذا الأمر عن طريق تشدد سفارات خادم الحرمين الشريفين في الإشراف على مكاتب الاستقدام ولأنها البوابة الأولى لمنح الفيزة والتوقيع على إصدارها، فيتم طلب شهادات حسن سيرة وسلوك وخلو سوابق مع التعامل مع المكاتب ذات السمعة الحسنة والموثوق بأدائها وانضباطها، فإذا تم فرز هذه العمالة بدقة وإجراء الاختبارات والمقاييس المناسبة والضوابط والشروط التي تليق ببلد الحرمين الشريفين، فإن بلدنال النظيف لن يقبل إلا العمالة النظيفة، وستحرص الدول هناك على أن يكون مواطنوها بالمستوى الطيب، وإذا كان العامل على خلق فإنه سيلتزم بالعقد وبالعمل حسب ما جاء إليه.
2ـ إلغاء الطريقة الحالية في استخراج الفيز الفردية، بحيث يتولى هذا الأمر شركات تقوم باستقدام العمالة وتكون مسؤولة عنهم وعن تأجير خدماتهم لمن يطلبهم.. وهذا سيريح المواطن من قلق العمالة ومتابعتها ومسؤوليتها، كما ستكون الشركة معنية بأموره المعيشية والصحية والنظامية.
3 ـ إيجاد دورات توعوية تثقيفية في بلدان هذه العمالة وبلغة أهل البلد تشرف عليها قطاعات أكاديمية لدينا مثل معهد الدراسات الدبلوماسية ومعهد الإدارة العامة وتوضع لها مقررات وتكون معياراً شاملاً لكل دولة يطلب من شركات توظيف العمالة ترتيبها وتكون لمدة أسبوعين أو ثلاثة، ولابد من الراغب بالعمل في المملكة اجتيازها بنجاح، وذلك عن المملكة وعقيدتها وأسلوب الحياة بها وأنظمتها وعادات أهلها وقيمها وتقاليدهم، وهنا يكون القرار بيدنا خصوصا أن الطلب هائل للقادم للمملكة ولله الحمد، فإذا كانت الوظائف المتاحة ألفاً تقدم لها عشرون ألفاً.. وهكذا، وهنا سيتم فرز الأنسب والأكثر التزاماً وكفاءة بالعمل.
4ـ التشدد والحزم مع المواطنين الذين يتسترون على هاربين أو يساعدونهم أو يوظفونهم، وتطبيق أشد العقوبات، وهنا سيتردد العامل عن الهروب إذا عرف أنه لن يجد من يوظفه، وهذه مسؤولية اجتماعية ودينية وأخلاقية تحتاج إلى تكثيف الجهود في وسائل الإعلام للتوعية والتعريف وشرح خطورة هذه التصرفات وضررها الأمني على الوطن والمواطن.
5ـ التشدد في ظاهرة ظلم العمال وأخذ حقوقهم وعدم تسليمهم مستحقاتهم، وكذلك رفع مستوى الرواتب الهزيلة التي تدفع لهم لأن الدخل الضعيف والتعامل السيء يؤدي إلى هروب العامل وبحثه عن عمل أفضل وبيئة أكثرعدلا.