|


د. سعود المصيبيح
الحياة والموت
2008-11-09
ليس أكبر ثري ولا أكبر زعيم ولا أكبر موهوب بمعزل عن الموت، فهو يأتي الإنسان وهو المحصلة النهائية لهذه الحياة، وحتى ولو كان في بروج مشيدة، وهنا تكمن أهمية القناعة والاستعداد له بالذكرى الطيبة والتعامل الحسن حتى يذكر الناس محاسن موتاهم.. وقبل أيام فجعت في قريب لي كان مثالا للطيبة والنقاء وفعل المعروف والعمل في مجال الدعوة الإسلامية وهو معلم الرياضات وليد النويصر (يرحمه الله) شقيق الأستاذ محمد النويصر مدير هيئة دوري المحترفين، وكان الناس شهود الله في أرضه، إذ امتلأ جامع الملك خالد في أم الحمام وفي المقبرة بجموع المشيعين، وكانت أيام العزاء شاهدة على تقدير هذا الرجل الذي كان على وشك بلوغ الأربعين (يرحمه الله) وجاء الناس يروون قصصهم مع وليد من حيث عمله الدؤوب لنشر الإسلام وتوعية الجاليات، وكان خلال فترة عمله في البحرين في مجال الإيفاد كمعلم أن تمكن وزوجته أم خالد من إيجاد حلقة طويلة من العلاقات في المجال الإنساني والخيري والدعوي، وقيلت قصائد رثاء فيه ومقالات تذكر فعله الطيب، وجاء معلمون ودعاة من البحرين الشقيقة للمشاركة في العزاء، وذكرت قصص عن الشاحنات من الكتب الدعوية التي كان ينظمها (يرحمه الله) ويرسلها لتوزيعها بكافة اللغات في المناسبات الشبابية والرياضية، ومنها سباق رالي البحرين الدولي.
وجاء إنسان نبيل ورائع في العزاء وعلم عن أهمية قبول ابن الفقيد في الجامعة بعد أن تعذر تلبيته لقرار الابتعاث نظرا للظروف القاهرة، فعمد هذا الرجل العظيم إلى أن قال: "والله ما يأخذه للجامعة إلا أنا وبيدي".. وفعلا اقتطع جزءا مهما من وقت إجازته الأسبوعية وذهب للشفاعة لدى مدير الجامعة لتسجيل ابن الفقيد، فكان فعل وليد الدعوي والخيري والإنساني محل التقدير من رجل عرف بمناقبه الخيرية وأفعاله الإنسانية في مواقف لا تعد ولا تحصى، بحيث يستشرف المستقبل ليكمل ابن الفقيد تعليمه ويكون مشاركا في التنمية والعطاء في بلد الخير والعطاء والإنسانية.
وقبل أسابيع كتبت مقالا عن التعليق الرياضي وأشرت إلى موقف لمعلق عرفت من رسائل القراء أنه المعلق خالد الدحيلان يرحمه الله رحمة واسعة، ولم أكن أعرف ذلك، وهنا أسجل اعتذاري الشديد لأسرة الفقيد (يرحمه الله) المشهود له بالنبل والطيبة والإنسانية والتعامل الراقي مع الجميع، وأدعو المسئولين في الرئاسة العامة لرعاية الشباب واتحاد كرة القدم ممثلة بالأميرين الفاضلين سلطان بن فهد ونواف بن فيصل بما عرفا به من دعم ومساندة وعطاء للأسرة الرياضية والشبابية بتوجيه من يلزم لتفقد أحوال أسرة الفقيد وظروفهم وربما هم ليسوا بحاجة لشيء ولكن نحن في دنيا نحتاج فيها إلى التكاتف والتعاون خصوصا مع فاجعة الأسرة بفقدان ولي أمرها وسندها بعد الله.
أسوق قصة الحياة والموت لأن من المشهود لنا في هذه البلاد أن ولاة الأمر (حفظهم الله) يتحسسون حاجات الناس من علاج أو دراسة أو وظيفة متى ما وصلت إليهم، كما أن المواقف النبيلة حاضرة مع أسر المتوفين في رعايتهم وعنايتهم، وقصة هذا الوطن مع أسر شهداء الواجب في الإرهاب وغيره شاهدة على حسن الرعاية والاهتمام والدعم والعناية.