زادت في الآونة الأخيرة حالات العنف وسرعة الغضب والشروع بالهجوم البدني العنيف، أو باستخدام العصي أو الأسلحة النارية للهجوم على الطرف الآخر ونتج عن ذلك تزايد حالات القتل ثم صدور الأحكام الشرعية التي تميزت بها هذه البلاد العادلة، والتي تنص على القصاص، وأن من يقتل لا بد أن يقتل (ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب)، وما أن يصدر حكم القصاص حتى يبدأ أهل القاتل بالتحرك لاستصدار العفو من أهل المقتول، والشفاعة لدى الأمراء ولجان إصلاح ذات البين، ولجان العفو، وشيوخ القبائل والوجهاء لثني أهل المقتول عن الإصرار على تنفيذ القتل، وبالتالي العفو عن القاتل، وعندما يكون للمقتول أبناء قصّر فهذا يعني أن تطول المسألة حتى يبلغوا سن الرشد، وطوال هذه المدة يتواصل الضغط على أهل المقتول والشفاعات، ونشر الأخبار في الصحف والإعلانات والقصائد، وإظهار القاتل وكأنه المظلوم المسكين، وأن أهل المقتول هم الذين لا تعرف قلوبهم الرحمة، ولا يدركون معاني العفو وأهميته، وأن المفترض أن يبادروا بالعفو ويعتقوا هذا القاتل لوجه الله تعالى، هذا هو الحال للأسف في الكثير من الحالات، وتتحول المطالبة بالحق وإحقاق حكم الشرع وتطبيقه إلى تعنت وتشفٍ ورغبة بالانتقام، وحتى حينما يقتنع المفجوعون من ذوي القتيل بالرغبة بالعفو، ويرغبون بما يطيّب خاطرهم ويساعدهم مادياً في هذه الحياة التي زاد لظى أسعارها وغلاؤها، بما يساعد أبناء المقتول في تعويضهم بفقد والدهم، والذي كان يتولى إعاشتهم مثلاً في قيمة منزل أو استثمار مالي، يأتي النقد الحاد واتهامهم بالمتاجرة بالأعناق وأن عليهم القبول بالقليل وألا يطالبوا بأي مبالغ مالية، وهنا أقف في موقف أهل المقتول وأقف مع تطبيق الشرع القويم وذلك للجم ظاهرة العنف واستسهال البعض لسرعة إطلاق النار والغضب والقتل وكأن ذلك هو الحل الوحيد للمشكلة، ولهذا أغلظ الله سبحانه وتعالى في العقوبة وخصنا كمسلمين بتنفيذ حكم القصاص وألا نتأثر بالدعاوي الغربية وحقوق الإنسان والقضاء الوضعي الغربي الذي يترك للمحاماة إخراج القاتل بريئاً أو بأحكام مخففة، وهذا لا يعني ألا يكون هناك لجان عفو ووجاهات للصلح، ولكن يجب أن تتحرك بدون أي ضغوط، وبحمد الله فقد صدر توجيه خادم الحرمين الشريفين بخصوص المبالغة في الصلح في قضايا القتل وهي توصيات مهمة ومنها منع إقامة المخيمات واللوحات الإعلانية وإنشاء لجان إصلاح ذات البين وهذه بداية لحل هذه المشكلة بإذن الله.