|


د. سعود المصيبيح
مهل
2009-02-26
قراءة الروايات متعة لا تقابلها متعة في مجال القراءة العامة، وهي هواية بدأتها منذ الصغر، وتجعلني أعيش في عالم الشخصيات وأتفاعل معها وأفكر بالأحداث، وأحياناً أمضي الساعات الطوال لأنهي الرواية نظراً لأنها شدتني وشوقتني لمعرفة أحداثها ونهايتها.
هذه المشاعر عشتها مع رواية مهل الصادرة حديثاً للمثقف الشاب طبيب العيون الدكتورسعود الشعلان.
أسلوب راق وجميل وجذاب، وأحداث متسلسلة ومعايشة لواقع وشخوص من المجتمع ومن مختلف بيئاته وتجاربه، تجارب أصدقاء الحي وطموح الشباب والحب والتعليم والإرهاب والوطنية وكفاءة النسب والوظيفة واستقرار العائلة وترابطها، والقيم والمبادئ التي تربى عليها بعيداً عن التعصب والتبلد وصفاقة الرأي.
مهل اسم لبطل الرواية الذي يعيش في أحد أحياء الرياض في بيت مستقر، ويمر بأحداث متعددة متداخلة وتؤرخ لمرحلة مهمة من مراحل بلادنا الغالية.
جاءه صديقه الذي وقع في براثن عصابات المخدرات وقال له: "لقد تعبت، لقد قررت أن أتوب وأعود إلى ربي" وهنا يدور حوار جميل بين مهل وفهد ينتهي بأن كل واحد منا في رأسه بطل وسفاح ولص وعبقري ومجاهد، فقط أنت تستدعي ما يكتبه الله لك من أيهما هذا الجزء أو ذاك، وبعد فترة من التدين وصل فهد إلى الغلو والتطرف والتكفير، وفوجئ مهل بصديقه فهد كأحد المطلوبين ضمن قائمة وزارة الداخلية، وهو يؤكد حقيقة مهمة وهي ارتباط المخدرات بالإرهاب.
وينتقل بنا سعود الشعلان في أحداث جميلة ومؤثرة عندما عاد لحي قديم حيث الطرقات الملتوية، ويلمح برادة ماء بعمره حينما كان يفرد أصابع قدميه ليتطاول إليها كي يصل إلى صنبور ماء ليحني ظهره ليشرب منه، ويتذكر الأدلجة حينما كان النشيد المدرسي يقول: "مؤامرة تدور على الشباب ليعرض عن معانقة الحراب، مؤامرة تقول لحم تعالوا، إلى الشهوات في ظل الشراب".
يعشق مهل غادة ويلخص ذلك بأن أجمل الأشياء حين تتلاشى المرأة في رجل تحبه، الحب يلغي كل الحدود.
إنها رواية مليئة بدروس التسامح والخير والإنسانية والعاطفة وحب الوطن، ولصغر سن المؤلف فهي شبابية محلية تستحق القراءة والاطلاع، وهي الرواية الثانية له عقب روايته المميزة ومات الجسد، وانتهت كل الحكايات، (وكلا الروايتين) من إصدارات دار الكفاح للنشر والتوزيع في الدمام.