قابلت في زيارات خارجية لعدد من الدول المتقدمة في التعليم عدداً من وزراء هذه الدول منها سنغافورة، وكان ذلك قبل أربعة عشر عاماً تقريباً وهي دولة متقدمة جداً في التعليم ولا زالت، حيث تمثل أنموذجاً في النجاح والتميز.. وقد لفت نظري أن الوزير ضابط متقاعد، وكان يعيد سبب تقدم التعليم إلى روح الانضباط التي أدخلها وزملاؤه في البيئة التربوية، إذ أن خبرته السابقة في العمل العسكري جعلته دقيقاً في محاسبة العاملين ومكافأة المجدين، ويضيف أن المدرسة السنغافورية كان ينقصها شيء من العدل ومراقبة الأداء والدقة والانضباط وتحفيز المميزين ومحاسبة الكسالى والمتهاونين وإبعادهم عن التعليم، وقال بأن التعليم لا مجال للمجاملات والمحسوبيات فيه، فمن يصلح ليكون مديراً ناجحاً ومعلماً مميزاً يبقى، ومن كان غير ذلك فليبعد لمكان آخر غير التعليم. ويضيف الوزير السنغافوري بأن المدير يجب أن يكون جاداً مميزاً حازماً دقيقاً بعيداً عن المجاملات والضعف، وأن يضع المعلم الضعيف في زاوية في محاولة لتطويره وزيادة حصيلته العلمية والسلوكية، وإذا لم يتمكن المعلم من تطوير ذاته فعلى المدير حماية بقية المعلمين من أمثاله حتى لا يشعرون بالضعف والتراخي والكسل وحتى ينطلقوا في أدائهم وإنجازاتهم. وهنا نحن أمام إدارة حاسمة تكونت من عقلية هذا الوزير العسكري، وانعكست بأسلوب الحزم والحسم الذي هو الحل الوحيد لتطوير العمل التربوي، فعدد الراغبين في التدريس الآن يزداد بشكل مهول، حيث عدد الخريجين كبير وبالتالي أهمية وجود اختبار رخصة معلم يسمح له بمزاولة مهنة التعليم بصفة دورية، بحيث لا يدخل هذه المهنة إلا من هو أهل لها.
(يتبع)
(يتبع)