|


د. سعود المصيبيح
لمتاجرة في التعليم
2011-10-20
أعلن مؤخراً بأن 70 % من خريجي وخريجات المعاهد الصحية الأهلية وبعضها تسمى الأكاديمية رسبوا في اختبار هيئة التخصصات الصحية ويعود السبب إلى ضعف مخرجات هذه المعاهد وعدم تأهيلهم بالشكل المطلوب، مما يتعذر معه اجتيازهم لهذه الامتحانات التي تجريها الهيئة قبل مزاولتهم المهنة كونهم سيتعاملون مع البشر ولا مجال للتساهل في هذا الأمر نهائياً..
وهذه المعاهد انتشرت في المحافظات الصغيرة عن طريق استغلال المواطنين وحاجتهم للتعلم أو بالأصح للشهادات من أجل الوظيفة فجمعوا ما لديهم كي يدفعوه لتعليم أبنائهم وبناتهم لدراسة تخصصات صحية مختلفة والحصول على الشهادة وثقافتهم وخلفيتهم الأكاديمية لا تؤهلهم للحكم على هذه المعاهد وماتقدمه ، وقد ظهرت مؤخرا علامة خطر تنذر بمشكلة ضخمة إذ أن هذه المعاهد استقبلت عشرات الآلاف من الطلبة والطالبات وبمبان مستأجرة هزيلة وبأجهزة صحية تكاد تكون غير موجودة وبمدرسين دون المستوى مع قصور للجهات الإشرافية الرقابية وقبلها ضمير التاجر الجشع بهدف الربح والغش الدراسي ويمضي الطالب والطالبة عامين أو ثلاثة يدفع ما لديه مقترضاً أحياناً ثم يحصل على شهادة وهمية لا تسمن ولا تغني من جوع لأنه لا توجد أدوات تدريس كافية ولا توجد أمانة وإخلاص ويتم منح الشهادة التي يركض بها الطالب وذووه للخدمة المدنية ووزارة الصحة للعمل في التمريض أو مختلف الأعمال الفنية الصحية وهو لا يفقه شيئاً في الصحة.
وبحمد الله مع تنامي وتطوير عمل هيئة التخصصات الصحية مؤخرا فقد كشف عن ضعف ملحوظ وعدم تأهيل وصلاحية للعمل في المجال الصحي لبعض هؤلاء بينما اجتاز منهم مجموعة من المتميزين والمتفوقين وحصلوا على شهادة الهيئة ولا يوجد عذر أن يبقوا بدون وظائف وهم جديرون بها وظروفهم الأسرية صعبة والأهم أنهم مؤهلون ونجحوا في اختبار الهيئة وعلى وزارتي الخدمة والصحة العمل على توظيفهم خصوصا أن المجال الصحي يستوعب مثل هؤلاء المميزين.
وأؤكد هنا أننا أمام معضلة كبيرة لأن هذه الكليات والمعاهد الصحية الأهلية التي افتتحت وانتشرت قبل سنوات وقبلت عشرات الآلاف من الطلبة وقبضت منهم عشرات الملايين ومنحتهم شهادات وهمية بعضهم ربما توظف في القطاع الخاص أو الحكومي وربما عرض حياة بعض المرضى للخطر وربما قتلهم بأخطاء طبية وما أكثرها في عالمنا اليوم ثم يأتي بعض الذين تسلموا هذه الشهادات ولم ينجحوا في اختبار الهيئة يلحون على الوظيفة.. وطبعاً بعض المعاهد تم إقفالها، أو تحولت إلى أسماء أخرى وتنبهت الجهات الرقابية ومنها هيئة التخصصات الصحية ولكن بعد أن طاح الفاس بالرأس – لذا نحن أمام حالة فساد ينبغي مراجعة تاريخ هذه المعاهد وملاكها ومن ساندها وسمح بوجودها وورط الأسر والطلاب بشهاداتهم فهم أحق بالعقاب وهم ينعمون بمئات الملايين ويواصلون خداع الناس بفسادهم وغشهم وهم يظنون أنهم يحسنون صنعاً، فأين هم وربهم الباري الذي حذر من الغش والخداع فالعقاب الأخروي ينتظرهم بإذن الله إذا نفذوا بجلدهم من العقاب الدنيوي.
إن المسئولية تقع على الهيئة الوطنية للتقويم والاعتماد الأكاديمي فقد صدر الأمر الملكي الكريم أـ121 وتاريخ 2ـ7ـ1432هـ رقم البرنامج 82 واسم البرنامج “ الجودة الفنية والأكاديمية “ والذي تنص آلية تنفيذه على الآتي:
“تخضع جميع البرامج التعليمية والتدريبية بعد الثانوية العامة عدا العسكري لتقويم الهيئة الوطنية للتقويم والاعتماد الأكاديمي”
فعلى الهيئة أن تقـوم بواجبها وتقوم بالتأكد من جـودة التعليم والتعلم في هذه المعـاهد والكليات الصحية الأهلية وكذلك بدلا من فرض الرسوم على هؤلاء الشباب للقيام بالاختبارات وإعادة التدريب أن تحمل ملاك هذه المعاهد الذين تركوا الحبل على الغارب لإدارات هذه المعاهد وبعضهم من الوافدين العابرين المشاركين في الجريمة، وتعاد مئات الملايين لهؤلاء الخريجين ليتعلموا من جديد في معاهد وكليات يقف عليها شرفاء أمناء يدركون أهمية صحة البشر.