تحرص القيادات الرياضية التربوية في وزارات التربية والتعليم في الوطن العربي على المشاركة بفعالية في الدورات العربية الرياضية المدرسية التي تقام كل سنتين حيث اختتمت مؤخرا في العاصمة اللبنانية بيروت الدورة العربية المدرسية الرياضية الثامنة عشرة والتي شارك بها عدد(1500) طالب وطالبة يمثلون (15) دولة تنافسوا في تسع ألعاب رياضية فردية وجماعية في تجمع أولمبي مدرسي كبير و الدورة تقام ضمن نشاطات جامعة الدول العربية وتحظى برعايتها وحضور ممثل لها و قد أتيحت لي الفرصة لحضور الدورة السابعة عشرة التي أقيمت في الأردن والدورة الثامنة عشرة التي أقيمت في لبنان ورغم ما تبذله الدول المستضيفة من جهد للإعداد والترتيب لإقامة الدورات المدرسية لتكون ناجحة من الناحية الفنية والتنظيمية إلا أن هناك قصورا واضحا وكبيرا في التنظيم والإعداد لمثل هذه الدورات التي يفترض أن تحظى بالاهتمام الذي تلقاه الدورات العربية الرياضية الكبرى فمن وجهة نظري تطغى العشوائية والارتجالية إلى حد كبير على التنظيم فلا تنسيق في التنقلات ولا وضع التدريبات للمنتخبات ولا السكن المناسب المهيأ بأبسط الخدمات للترفيه كالتلفزيون والانترنت والخدمات الأخرى وبالذات في سكن اللاعبين والحكام وكذلك عدم تكليف حكام على مستوى فني جيد وكاف لإدارة المسابقات فقد يحكم حكم عراقي لبلده وهكذا, ناهيك عن التركيز فقط على المنافسات الرياضية البحتة مما جعل اللاعبين العرب الصغار طلاب المدارس يبحثون فقط عن النتائج و الفوز فأصبح الطلاب تحت ضغط نفسي كبير وأصبحت القيادات الرياضية تبحث عن الميداليات ويتنافسون فيما بينهم في جمع أكبر عدد منها وبعض الدول أقامت معسكرات لطلابها لمدد متفاوتة خارجية كفرنسا والتشيك وغيرها وأنا في الواقع لست ضد كل هذا لكن الشيء الذي كان لابد من الانتباه له وإعطائه جزءا كبيرا من الاهتمام و التركيز عليه هو الجانب التربوي في مثل هذه الدورات الذي أغفل تماماً في الدورات الرياضية العربية المدرسية حتى لا تفقد أهم أهدافها لأن المطلوب في مسابقات ترعاها وزارات التربية والتعليم في الوطن العربي تربوي قبل التنافسي فلا يوجد أي نشاط تربوي يلتقي فيه الطلاب العرب مع بعضهم ويتعارفون ويتحاورون ويتناقشون ويتآلفون ويمكن أن يكون ذلك من خلال اعتماد نشيد عربي موحد للدورة يحفظ من جميع المشاركين يلتفون حوله ويرددونه في افتتاح الدورة مع تبني إقامة نشاط جماعي في أول يومين من الدورة على اعتبار أن الدورة مدتها عشرة أيام وثمانية أيام كافية لتنفيذ المسابقات خاصة وأن أغلب الدول لا تشارك في جميع المسابقات على أن يكون التوزيع على شكل أسر أو مجموعات تتكون كل أسرة من عدد من لاعبي الدول كل لعبة بتنظيمها الخاص وسيكون المجال مفتوحا للطلاب للتعرف بشكل أكبر فيما بينهم وإقامة مناشط تربوية يقدمها خبراء التربية المشاركون مع وفودهم ومن الطلاب أنفسهم كمحاضرات تربوية عن الصحة واللياقة البدنية وأثر التدخين على الرياضي وعن المنشطات والفيتامينات والمنافسة الشريفة ومهارات التفكير ومهارات الاتصال وتجارب لبعض اللاعبين العرب المميزين والاحتراف وأنشطة ثقافية عن المجتمع العربي ويتم التركيز على حضورها من اللاعبين وخاصة من انتهت مشاركته في الدورة ولأن هذا الأمر في متناول اليد وبالإمكان تنفيذه خاصة والمشاركون جميعهم تربويون ومختصون ويمكن الاستفادة من تواجدهم في ظل وجود وقت كاف للتنفيذ حيث أن بعض المسابقات تنفذ خلال يومين إلى ثلاثة ويبقى الطلاب بدون أي نشاط طوال الفترة المتبقية فضلا عن أن هذه الدورات التي يشارك بها رياضيو المستقبل على اعتبار أن الدول تشارك بأفضل الرياضيين لديها من طلاب المدارس والذين يمثلون المنتخبات في الفئات السنية الرسمية وأرى أننا بحاجة إلى تغيير الفكر الذي ينادي بالتركيز على المنافسة فقط في هذه الدورات لأن الأساس في مثل هذه الدورات هو غرس المحبة والعلاقات بين الطلاب العرب حيث يلاحظ في بعض المباريات سواء مباريات الطلاب أو الطالبات وجود احتقان بينهم فأي خطأ يحدث احتكاك داخل الملعب يمتد للاشتباك بالأيادي وحدث في أغلب المسابقات كالقدم والسلة واليد والطائرة وبلا شك أن غرس الثقة في الطالب وتعزيز روح المنافسة الشريفة أمر مطلوب بجانب تعزيز روح المحبة والأخاء المنشود لأن هؤلاء الطلاب في ظل هذا التنافس قد يجعل منهم في المستقبل قنابل موقوتة لا يقبلون بعضهم في منافسات أخرى بعد مراحل عمرية متقدمة ونحن أحوج ما نكون إلى الأخوة والترابط الذي افقدنا هيبتنا الإسلامية والعربية,والاتحاد العربي للتربية البدنية والرياضة المدرسية قادر على ذلك متى ما طور لجانه وفعلها التفعيل المناسب الذي يساعد في تحقيق أهداف الدورات المدرسية الرياضية العربية وفي الواقع لابد من الإشارة لوفدنا خلال مشاركته في الدورة العربية الرياضية المدرسية الثامنة عشرة بلبنان الذي ظهر بصورة أخلاقية رائعة تعكس تميز شبابنا الرياضي في المشاركات الخارجية والله الموفق.