أحمد المطرودي
المهنية والعواطف
2009-03-10
إذا لم نتمكن من التشخيص المناسب للمشكلة فلن نستطيع أن نعالجها في دوامة ليس لها آخر بل قد تتفاقم وتصعب الحلول وتتعقد الأمور وهو ما يحدث الآن في الكثير من القضايا التي يمارس معها المثل (جاء يكحلها فأعماها)، والكحل عند العرب ليس للزينة فقط بل هو علاج نبوي معروف ولهذا فالمشاكل تبدأ صغيرة ولأن تشخيصنا لها خاطئ تزداد بدلاً من معالجتها.. وقد ظهرت على السطح في الأسابيع الماضية انفلاتات غير سوية وتصرفات سلبية واعتراضات على قرارات الحكام وأصبح القياديون في الأندية يتصرفون حسب رغبات جماهيرهم وليس حسب ما تمليه عليه ضمائرهم فمن يخسر يحمل التحكيم الأسباب ولا يوجد تقبل للقرارات ولا احترام للكبار وليس لأي شخص الرغبة أو الاستعداد للتحمل ولا يوجد مخطئ يحاول الاعتراف بالخطأ وتصحيحه.. بل إسقاطات مرضية واتهامات وإدانات دون أدلة أو حتى إعطاء المتهم فرصة الدفاع عن نفسه فانعدمت الثقة وأعطي الصغار الفرصة وترفع الكبار عن المواجهة فحدث الاحتقان والغليان وتوتر الشارع الرياضي.
ـ وقد بدأ الجميع محاولات البحث والتشخيص فاتهم الإعلام بأنه السبب الرئيسي في الاحتقان وتعالت الأصوات المقتنعة بهذا الاتهام والصحيح من وجهة نظري الشخصية.. أن السبب الأكبر في كل ما يحدث هو ضعف التربية وعدم قدرتها على تحقيق أهدافها وغاياتها... فلو كان بعض الذين يعملون في الإعلام قد تلقوا تربية سليمة تحقق لهم الاستقرار النفسي والعاطفي وعدم التسلق على حساب الآخرين وإبراز الأباطيل والكذب واستغلال مواقعهم للمتاجرة الرخيصة على حساب الحقيقة لما استغل الإعلام لشحن الناس والتأثير السلبي عليهم بل كان أداة توجيه وتنوير وسيادة للحق والعدالة، فالإعلام كوسيلة راقية للوصول إلى الآخرين أنبل وأسمى من الأدوار التي لعبها من خلال بعض الدخلاء عليه والذين اقتحموه ليس لفائدة يقدمونها ولكن من أجل الظهور والبروز والتقرب من فلان وتحطيم علان أو التصفيق لأنديتهم المفضلة ولكن ليس من خلال المزمار والطبل ولكن باستخدام هذه الوسيلة السامية والنبيلة.
ـ أعيدوا النظر في التربية فهي الأساس لبناء مجتمع قوي ومتماسك.. فالسيارة والطرق المعبدة ليست هي أسباب التفحيط والتكنولوجيا ليست هي سبب الابتزاز وغيره من الأمثلة الكثيرة.. لذا فالإعلام بريء من هذه التهم لكنه يحتاج إلى مهنية بعيدة عن العواطف كما يحدث في قناة art حيث تحاول الأندية أن تدير هذه القناة حسب أهوائها ومزاجها لكن مسؤولها وليد الفراج يرفض الانتماء لأي ناد ويعلن من خلال عمله الجاد أن انتماءه لمهنته وعمله فقط رغم احترامه لكل الأندية.
ـ إننا نواجه أشخاصاً يحاولون تسيير الناس حسب رغباتهم وتربيتهم وحينما لا تأتي الأمور حسب ما يرغبون يتحولون إلى أعداء ولهذا فالأشخاص الأسوياء الذين يمارسون التصرفات الصحيحة سيكونون غرباء وشاذين في مجتمع يعج بالأخطاء والتصرفات السلبية.