|


أحمد المطرودي
ثقافة الشعوب
2009-10-27
الرياضة ثقافة وهي تمثل فكر وقدرات الشعوب في تحقيق أفضل المكتسبات المهارية والفنية وبعدها الإنجازات، وكرة القدم مثلا هي الجزء الأكبر من هذه الرياضة التي تعتبر واجهة الدول وشعوبها وهي أكبر تعريف لنموها وتطورها ولهذا تبذل الحكومات الكثير من المجهودات وتنفق الأموال الطائلة وتنفذ الخطط والبرامج من أجل رفع المستوى وتحقيق نتائج قوية تجعل اسمها محترماً لدى العالم وأكبر دليل هي البرازيل التي تعتبر من الدول الفقيرة مادياً في العالم والتي لا تحظى بقوة سياسية ونفوذ لكنها من خلال أقدام ومهارات نجومها الأفذاذ غزت العالم وفرضت على الملايين الحب والعشق والهيام بما تقدمه من إبداع في كرة القدم وجعلت اسمها يتردد في كل جنبات الكرة الأرضية، فهل البرازيل تصرف على كرة القدم أكثر من دول العالم الأخرى؟ أم أن الحكومات البرازيلية المتعاقبة ساهمت من خلال برامج مختلفة في تحقيق هذا النمو المهاري السريع في سيقان لاعبيها ونجومها ولماذا لا تستطيع الدول الأخرى عمل نفس البرامج والخطط كي تتمكن من الوصول إلى المستوى البرازيلي وتحقق كأس العالم أو تنافس عليها.. إن حقيقة الإبداع في أي مجال هو استعداد فطري قبل كل شيء ومن ثم يتطور هذا الاستعداد بالمكتسبات المتاحة التي تغذي ما لديه من قدرات وتنميها وتصقلها أو أن تكبتها وتحولها إلى إحباطات وأمراض وانحرافات أو أن يمارس الشخص مهاراته في الطريق الخاطئ لأن الكثير من الناس لا يكتشف موهبته ولا يعرف ما لديه من إمكانات حتى تتاح له الفرصة ليتعرف على هذا المخزون وعندما لا يجد الفرصة المتاحة لخروج مواهبه بالطريقة السليمة قد يجد المجال متاحاً في مجالات أخرى قد تتسبب في دماره وخرابه ومن حوله ولهذا فالاهتمام وإقامة المنشآت وصرف الأموال واستقدام الكوادر لا يكفي وحده لتحقيق التفوق والبروز فلابد من وجود عوامل أساسية أخرى تعتمد على الأفراد والشعوب وما لديهم من استعدادات فطرية ومكتسبة ووجود بيئة صالحة لصقل هذه الاستعدادات.
فأكثر النجوم العالمية التي برزت في الكثير من الألعاب خرجت من بيوت فقيرة ومساكن متدهورة، لكن هؤلاء النجوم كانوا في هذه البيوت الصغيرة ينالون كفايتهم من النوم من خلال النوم المبكر ولا يتناولون الأكلات السريعة المشبعة بالمواد الكيمائية ولا يسهرون حتى الصباح ولا يعتمدون على الآخرين في تنفيذ أعمالهم وأشغالهم حتى لو كانت قاسية ولا يتعاطون المخدرات والتدخين.. والأهم في نفسياتهم البسيطة التي تجعلهم قادرين على المحافظة الجادة والصلبة والقوية على أنفسهم وصحتهم وحينما تتاح لهم الفرص تجدهم محافظين على التمارين بشكل دقيق لأن طموحاتهم عالية ورغباتهم كبيرة في الوصول إلى الأفضل.
ـ هنا شاهدوا بعض لاعبينا.. الذين يسهرون إلى الصباح ويتناولون الوجبات السريعة ولا يحسنون تمارين القوة والحديد والاهتمام بالتمارين الصباحية ويجلسون الساعات الطوال على لعب الورق مما يؤدي إلى سهولة إصابتهم وهناك من أهمل نفسه وترك موهبته تضيع بسبب الأموال التي حصل عليها وغيّرت من حياته أو من خلال الأموال التي يريد أن يحصل عليها ولم يتم تحقيق طلباته سواء كانت مستحقة أو غير ذلك وعندما نعرض هذه الأفكار على الرياضة السعودية نجد أن المعادلة متكاملة في تحقيق الإنجازات الكبيرة ولكن ثقافة اللاعب السعودي هي ما ينقص تلك المعادلة، فكل العوامل المساهمة في التطوير متوفرة ولو صلحت عقول الناشئة القادمين إلى الساحة سوف نتأهل إلى كأس العالم حتى لو أحضرنا مدرباً فاشلاً يقود المنتخب، فهل المدربون الذين دربوا المنتخبات العالمية وحصلوا معها على بطولات كانوا هم السبب في هذه البطولات أم أن اللاعب هو الجزء الأهم في اللعبة وعن طريقه تأتي البطولات؟.