|


أحمد المطرودي
الرياضة والسياسة بين الجزائر ومصر
2009-11-17
دائماً ما نسمع عبارات معلبة يطلقها بعض الإعلاميين ويكررها آخرون وهي أن الرياضة تجمع ما فرقته السياسة والحقيقة التي أراها أن العبارة يجب أن تعكس حتى تكون صحيحة، فالرياضة دائماً هي ما تخلق الفجوات في الشعوب وتسبب الانقسامات والمشاكل والتصادمات وتثير النعرات والعدائيات وتكسر حواجز كل بناء يمكن أن يؤسس لعلاقات متينة وتأتي السياسة لرأب الصدع وإعادة المياه لمجاريها وتذكروا ما يحصل من أخوة ومحبة وتقارب وصفاء بين الدول وأيضاً تذكروا ما حصل لشعوب الخليج إبان حرب الخليج من تلاحم وتعاطف وتعاون ولاحظوا ما يحصل في دورات الخليج من تنافر وتعادي وتصريحات ملتهبة قد تصل للاتهامات وهذا يؤكد الحقيقة على أرض الواقع ولكننا كذبنا على أنفسنا وصدقنا وصدق معنا الكثيرون بتكرار مثل هذه الشعارات التي لا توجد على المحك الحقيقي بل هي قراءة في سطور الكتب والمثاليات لأن المفروض فعلا أن تكون الرياضة للتنافس الشريف المنطلق من موجة الإمكانات الذاتية وتقديرها مع إمكانات الآخرين.
فالفرح بالفوز حق مشروع ولكن بطريقة محببة للنفوس غير مستفزة للآخرين وللخصوم وعدم المبالغة بالحزن في حالة الخسارة فالرياضة لا بد أن يوجد فيها فائز وآخر خاسر وحينما لا يتم الالتزام بالمبادئ الرياضية والقيم والأخلاق تتحول الرياضة إلى حرب وإن لم تستخدم فيها الرشاشات والمدفعيات والطائرات الحربية والقنابل العنقودية.
ـ لقد شاهد العالم كيف تحولت المنافسة بين الأشقاء إلى صراع وكراهية وتحطيم وعدم تقبل للآخر في المواجهة التي جمعت قطبي إفريقيا مصر والجزائر واستمتع الجميع بمباراة من نوع خاص فيها كسر العظم موجود والإثارة ليس لها حدود ففرقت المباراة بين القلوب وحدثت المصادمات وتدخلت السياسة لتحسين الأوضاع وتنقية الأجواء ولكن دون فائدة ولأنني شخص أؤمن بالعامل النفسي كتأثير أكثر من الفني في تحديد نتائج كرة القدم خاصة تلك المواجهات التي لا تستطيع أن تفرز وبشكل دقيق الأفضل والأقدر على تحقيق الفوز من خلال القدرات الفنية والمهارية وقد يغيب العامل النفسي تماماً في مواجهات كرة القدم الواضحة في تحقيق التفوق الفني فلو لعبت البرازيل مثلاً مع إندونيسيا فإن الفوز سيكون برازيلياً حتى لو مال التفوق النفسي والمعنوي لإندونيسيا ولكن في مواجهات متكافئة أرى العامل النفسي ضروري في تحديد نتائج المباريات.
فقد كان العامل النفسي في لقاء السبت الماضي يميل إلى الجزائر حتى آخر دقائق المباراة حينما أتعب (متعب) قلوب الجزائريين بهدف قاتل أحيا الآمال المصرية في التأهل إلى المونديال وبث الإحباط والحزن في نفوس الجزائريين الذين كانوا أقرب لتحقيق هذا الشرف فالهدف المبكر أشعل فتيل المباراة وبقي الملايين من المصريين ينتظرون هدفاً آخر ليكون طوقاً للنجاة والاستمرارية في الأمل ولو جاء الهدف الثاني في الشوط الأول لتحولت أفراح المصريين إلى حزن وانفعال لضياع التأهل والاحتكام للفاصلة ولخرج المحللون وهم ينتقدون اللاعبين والمدرب لعدم قدرتهم على تحقيق الفوز وسيتم جلد الذات المصرية بكل قوة لكن الهدف المتأخر جعل تقبل الشارع المصري للفوز بهدفين مفرحاً وخرجت المئات وهم يجوبون الشوارع ونسي هؤلاء أن المهمة لم تنته بعد وأن (غداً لناظره قريب) فالفاصلة قد تقتل الفرح المصري وتحوله إلى صدمة نفسية وجرح عميق وهنا على الجهاز الإداري والفني للمنتخب المصري إخراج اللاعبين من نشوة الفرح والتخدير إلى الإحساس بالمسؤولية وعدم تفويت الفرصة الذهبية فهذا الفوز قد يكون (سلاح ذو حدين) إما دافع معنوي للمصريين لتحقيق الفوز غداً أو قد يصاب اللاعبون بشعور وضمان الفوز فينعكس ذلك على الأداء.