|


أحمد المطرودي
(فيفا) والاختيار الخاطئ
2010-06-29
باعتقادي الشخصي أن (فيفا) ارتكب في تاريخه باختيار جنوب أفريقيا لتنظيم نهائيات كأس العالم خطأ كبيراً وهي مجازفة لم تكن محسوبة بالشكل الصحيح على الرغم من النجاح الجماهيري والكرنفالات المختلفة الجاذبة للسياح وذلك لعدم شعور الناس الحاضرين بالأمان الكامل رغم أن جنوب أفريقيا تعتبر من أجمل الدول وأفضلها لهواة السياحة في العالم، فالأمن أهم شيء للإنسان، وبدونه لا يمكن التعايش ولا الحياة السعيدة والهادئة، وقد سمعنا الكثير من المشاكل الأمنية التي حصلت والسرقات التي تعرض لها الكثير ممن يتواجدون في هذا الحدث المهم والكبير والتاريخي ولا أدري ما الذي يجعل (فيفا) يوافق على قبول ملف جنوب أفريقيا وهي التي تشهد تدهوراً في الأمن وعدم استقرار سياسي، بل إن الملاعب المجهزة لاستضافة هذه النهائيات كانت مهددة بعدم الاستعداد في آخر اللحظات بعد أن عملت الحكومة وجندت الآلاف لإنهاء هذه المنشآت بأقصى سرعة، وهنا يجب الإشادة بقدرة الحكومة على إنشاء وتنفيذ هذه الملاعب بسرعة فائقة، ولكن هل كان (فيفا) بحاجة إلى هذه المجازفة غير المحسوبة؟ في وقت تتسابق فيه دول العالم المتطورة لتقديم ملفاتها واستعدادها لشرف نيل هذه الاستضافة و(فيفا) باختياره جنوب أفريقيا لاستضافة أهم حدث رياضي في الدنيا يجعلنا نشكك كثيراً في الآليات المتبعة والمعايير التي من خلالها تتم عملية الاختيار لأن جميع الدول تقريباً تملك المنشآت الضخمة والفنادق الكبيرة وكل هذا لا يساوي معياراً واحداً وهو الأمن، فالجماهير التي تريد أن تحضر لا تأتي لكي تشاهد كرة قدم لمدة 90 دقيقة فقط ثم تنتهي بل هي تريد أن تحقق أكبر غايات السياحة والرفاهية بالحضور للمباريات والتمتع بالزيارات ومشاهدة الجمال الطبيعي والتنقل بسلاسة وحرية وراحة نفسية يغلفها قبل كل شيء الأمان …والأمان لا يتحقق من خلال الحراسات الأمنية والتواجد المكثف للشرطة ولكن هو ثقافة الشعب وتعامله مع الحياة واستقباله للضيوف بطريقة راقية، فهل يستطيع شخص أن يشعر بالأمان وهو يتنقل من مكان لآخر عن طريق الحراسة؟
وفي جنوب أفريقيا هناك جوانب جميلة وإيجابية منها الطبيعة الخلابة والأمطار الغزيرة والشعب البسيط المحب حتى الجنون لكرة القدم وهو ما ساهم في جعل جميع المباريات تتميز بالحضور والكثافة الجماهيرية التي أضافت للمباريات جمالاً ومتعة أكبر وقد استمتع العالم بمباريات رائعة وقد يرى البعض أن النهائيات الماضية فنياً أفضل من الآن وهناك من برر ذلك بانخفاض المستوى الفني وأنا أرى العكس لأن التطور الكبير لكرة القدم في العالم جعل المستويات تتقارب ويصعب على النجوم أن تمارس هوايتها بسهولة لو أن بيليه خرج في هذا الزمن هل سيتألق بنفس الطريقة التي برز فيها أيام الخمسينيات؟! لا أعتقد
البداية لم تكن مشجعة من الناحية الفنية، فقد كان حماس الجماهير الرياضية لمشاهدة فنون كرة القدم على أصولها الحقيقية اصطدم بواقع مغاير مما كان يؤمل منه، فلم تظهر المباريات في البداية بطابع فني قوي ومتميز ولكن مع تواصل المباريات أخذ المستوى الفني بالتطور خاصة من جانب الفرق العالمية الكبرى كالأرجنتين والبرازيل، وهذان الثنائي كما يبدو هو من سينافس بقوة على انتزاع اللقب بعد أن ظهر المنتخبان الفرنسي والإيطالي بمستويات عادية جداً ولم يقدم الأسبان ما يشفع لهم بالترشح لنيل اللقب رغم أن الجميع كان يراهن على أن هذا المنتخب هو الحصان الأسود المتوقع للبطولة، وبدا البرتغاليون أكثر شراسة أمام كوريا الشمالية حيث تفنن كرستيانو ورفاقه بهز الشباك لسبع مرات مما يوحي أن هذا المنتخب قادم بقوة بعد أن هدم معنويات الكوريين ومزق شباكهم وإن كنت أظن أن طموحات البرتغال لن تتعداه للحصول على اللقب والسباعية تعني تفكك الكوري الشمالي أكثر من كونها تدل على قوة البرتغال وهذه الخسارة المؤلمة لأحد ممثلي الكرة الآسيوية تجعلنا نتأسف لضياع تأهل الأخضر السعودي الذي لو شارك في هذه البطولة فقد يقدم شيئاً يعيد للكرة السعودية توهجها في ظل غياب المستويات القوية في هذه البطولة وقد يكون مارادونا والقطط الأرجنتينية الشرسة بقيادة "ميسي" كلمة الفصل التي ستجعل النجم العالمي مارادونا يمارس سلوكاً خاطئاً وسط الشوارع في العاصمة الأرجنتينية ولا أدري لماذا لم يمنع (فيفا) الجماهير من إدخال المزمار التراثي لجنوب أفريقيا فقد تسبب في إزعاج اللاعبين والجماهير والمشاهدين خلف الشاشات وقد كان عذر (فيفا) في السماح للجماهير باستخدام هذه الآلة كونها من تراث جنوب أفريقيا وهذا غريب وعذر أقبح من فعل فلو كان من تراث جنوب أفريقيا استخدام الشيشة في المدرجات هل كان (فيفا) سوف يسمح للجماهير على اعتبار أنها تراث، ولو أشعلت الجماهير المدرجات بالنار كتراث جنوب أفريقي هل سيسمح (فيفا) بذلك؟..
بالأمس كان انهيار كوريا الشمالية أمام البرتغال وأيضا أمام ساحل العاج ويا فرحة ما تمت فالعار على الكوريين الذين تمنوا أنهم لم يتأهلوا للمونديال وحافظوا على ماء الوجه ولكن مهما كانت الاستعدادات وللروح المعنوية تبقى الموهبة الشخصية هي الفيصل في كرة القدم ولأن أداء كوريا الشمالية يتسم دائماً بالهشاشة فطبيعي أن تتلقى شباكهم سباعية برتغالية وثلاثية من ساحل العاج.