|


أحمد المطرودي
الرائد والنصر الاستطلاع والشعبية
2010-08-31
قد لا يفرق البعض بين عمليتي الاستطلاع والإحصاء وهنا جاء الخلط لينصف شعبية وجماهيرية الرائد والنصر.. وهذان الناديان يتشابهان في الكثير من الطقوس التي يمارسها جماهيرهما بالحضور المكثف والعشق المستمر حتى لو ابتعدا عن تحقيق الإنجازات؛ فالنصر صاحب الشعبية والجماهيرية الكبيرة ابتعد كثيراً عن البطولات، لكن جماهيره تزداد يوماً بعد يوم مسجلة حضوراً متميزاً يضفي على الأجواء إثارة وجمالاً ونكهة، وتعجبني هذه الجماهير حينما تشاهدها وهي تمارس طقوساً جديدة ومختلفة في التعبير عن الأفراح والأحزان أو أسلوب المعارضة سواء كان ذلك على الفريق بالخروج المبكر من الملعب أو المعارضة على التحكيم حينما صدت بوجهها عن الملعب وعندما تعترض على إدارة ناديها تمارس أشكالاً مختلفة من ردود الفعل، وهنا هي تتشابه كثيراً مع جماهير الرائد التي مرت خلال تاريخها بأجيال مختلفة من طقوس الحب والعشق والتعبير عن انفعالات الفرح أو الحزن، ولو حاولنا استعراض قصص جماهير الرائد في طرق تعبيرها عن حبها سنحتاج إلى وقت طويل لكي نقوم بحصرها وهي مازالت إلى الآن محل تندر وضحك واستغراب لكل من يسمعها، وقد يستغرب البعض عن ازدياد جماهيرية الرائد رغم بعده عن البطولات، بل إن الفريق هبط للثانية وجاءت مبارياته منافسة للحضور الجماهيري للأندية الكبيرة.. وفي الموسم الماضي شهدت أكثر المباريات حضوراً جماهيرياً هي التي يكون الرائد طرفاً فيها، وهذه الزيادة في جماهيرية الرائد وكذلك النصر رغم بعد هذا الثنائي عن تحقيق البطولات يحتاج إلى دراسة نفسية وواقعية لبحث الأسباب، رغم أنني أرى من وجهة نظري الشخصية أن الانتماء القوي والصادق مع الإحساس بالظلم وسلب المكتسبات تجعل هذه الجماهير تتمسك وتتحد بحبها وتكون أكثر تأثيراً على من حولها من إخوان وأصدقاء وجيران وخاصة من الأطفال، فتتكاثر هذه الجماهير ويؤثر بعضها في بعض.. فمثلاً الرائد الذي ينافس الأندية الكبيرة بجماهيره حظي بهذه الجماهيرية قبل أكثر من سبع وعشرين سنة، وتحديداً في دورة الصعود حينما ملأت جماهير الرائد ملعب بريدة وسجلت رقماً لا يمكن كسره في تاريخ دورات الصعود إلى الآن.. هذه الأعداد الكبيرة تؤثر على من حولها حتى لو لم يحقق الرائد أيّ إنجازات من الممكن أن تتوازى مع هذه الجماهير الكبيرة والتي جاءت استطلاعات زغبي وإبسوس لتظلم هذه الجماهير وتجعلني أتذكر المثل: (حدث العاقل بما لا يليق فإن صدق فلا عقل له)؛ فهل يعقل أن أكثر الأندية في السعودية جماهيرية وهو الرائد لا يأتي ضمن الأسماء العشرة المرشحة للجماهيرية وهو النادي الجماهيري الذي أبهر الجميع بحضوره الكبيرة في لقاءات الصعود أمام هجر والبقاء أمام أبها؟!.. ومن يريد أن يعرف الحقيقة فعليه فقط أن يعود إلى شريط المباراة ليشاهد حجم الجماهير التي حضرت والتي لا تحتاج إلى استطلاعات من زغبي أو إبسوس وغيرها كما هو الحال بالنسبة للنصر الذي تملأ جماهيره مدرجات ملاعب المملكة ومن ثم يخرج علينا من يقول إن النصر ليس لديه شعبية (والدليل زغبي)، وهم هنا يريدون منا أن نصدق زغبي واستطلاعاتها ونكذب الحقيقة التي نشاهدها بأم أعيننا وتنقلها كاميرات التلفزيون.. والاستطلاع لا يمكن أن يطبق على أعداد بل المفروض أن يتم تحديد الجماهيرية من خلال الإحصاء، وهو علم قائم بذاته ويدرس في الجامعات.. فالأرقام وحدها هي الفيصل في حسم القضية؛ أما الاستطلاع فيمكن أن تستطلع آراء الجماهير بأفضل لون وأفضل أداء وكل شخص يعبر عن رأيه الشخصي والذي من الممكن أن يستفيد الباحث منه من خلال هذه الآراء. أما الأرقام الإحصائية فلا تؤخذ من خلال وجهات النظر فلو جاء شخص وقال إن الربيع أكثر جماهيرية من الاتحاد هل ستقول له إن هذه وجهة نظر لا بد أن تحترمها، وقد يعلل رأيه أن جماهير الربيع لا ترغب في حضور المباريات عكس جماهير الاتحاد، وهذا جعل الناس تعتقد أن الاتحاد أكثر جماهيرية من الربيع، ولو افترضنا أن العينات العشوائية أخذت على أشخاص غير رياضيين أو متعصبين أو لنقل معتوهين ثم جاءت النتائج معاكسة للواقع هل سنسلم بهذه النتائج؟.. والغريب أن الأشخاص الذين اختلفوا بهذه الاستطلاعات رفضوا أن تكون المباريات مقياساً للجماهيرية بينما سلموا بأحكام عينات عشوائية أن خروج النصر والرائد من دائرة الجماهيرية في السعودية يجعل هذه الاستطلاعات خاطئة وفاشلة، فالله سبحانه وتعالى أعطانا عقولاً لكي نعي بها، وأبصاراً كي نشاهد بها، وعلى الجماهير الواعية أن لا تنساق مع هذه الاستفتاءات التجارية والتي قصد بها الإثارة فقط، وإذا كان هناك جهة ستتولى حسم هذه القضية عليها أن تستخدم لغة الأرقام وحصرها، فلو لم يكن هناك إحصاء لسكان السعودية وخرجت علينا منظمة تدّعي أنها قامت بعمل استفتاء من الأكثر سكاناً في الخليج فظهرت البحرين هي الأكثر بين سكانها؛ فهل سنصدق هذه الاستطلاعات التي أشغلت الأندية عن الاهتمام بفرقها وإعدادها لتقديم مستويات رفيعة تماماً كما يفعل "رائد البرازيل" الذي مازال يقدم المستويات الرفيعة ويحصد النقاط بقيادة الربان الماهر الألماسي فهد المطوع.