|


أحمد المطرودي
التحكيم والتطوير
2010-09-07
في المواسم الماضية يخرج الخاسر ليحمّل التحكيم أسباب خسارته، ويكون الفائز راضياً عن أداء التحكيم، لكن هذه السنة لم يعد أحد يقبل بالأخطاء سواءً كان ذلك من الفريق الفائز أو الخاسر، وجاءت إثارة البداية لتعلن عن أخطاء بالجملة وقع بها الحكام، ولم يرضَ عنها حتى المشجع المحايد الذي لا يهمه خسارة هذا الفريق أو ذاك.. والحقيقة أن التحكيم لن يتطور لدينا لأن المسألة في نظري ليست "فنية" من الممكن أن يتم التغلب عليها بإيجاد سبل للتطوير من خلال رفع مستوى الكوادر التي تشرف على اللجان، أو إحضار الخبراء والكشف عن المواهب وتحقيقها وتطويرها، ولكن المشكلة هي في عدم تقبل قرارات الحكام، سواءً كان ذلك من خلال لاعبي الفريق أو المسؤولين فيه أو الجماهير التي في المدرجات أو التي تتابع على شاشات التلفزيون، لأن الحكم السعودي يعاني من عدم ثقة الشارع الرياضي فيه فهو بالتأكيد صاحب ميول، وكلّ نادٍ له مواقف مع هذا الحكم أو ذاك، تجده يشن الحملات التحريضية التي تصف الحكم بالعدو، وأنه صاحب ميول إلى الخصم ويرغب في تحطيم النادي، فتشحن الجماهير ويتشنج اللاعبون ويحاول الحكم أن يعكس هذه النظرية أو يبدو عادياً لم يتأثر فيقع بالأخطاء ومن ثم تحضر الكارثة، لقد شاهدنا عبدالرحمن القحطاني وهو يرتكب أخطاءً بحق الهلال بحجة أنني حكم قوي ولا يهمني الهلال وإعلامه وجماهيره.. وأقرب مثال هو الحكم خليل جلال الذي أبدع كثيراً في تحكيم كأس العالم لأنه دخل إلى أرض الملعب دون التفريق في مكانة الفريقين، ولم يتأثر بحملات مركزة ولكنه حينما يحكم في السعودية فإن عوامل كثيرة تتغير لديه، وأخشى عليه بصراحة أن تكون مباراة المتنافسين الرائد والتعاون سبباً في فشله، لأن لجنة الحكام الرئيسية ظلمت هذا الحكم كثيراً، حيث منحته إجازة طويلة وفاجأته بأن يقود لقاءً جماهيرياً وتنافساً وإعلامياً قوياً من الممكن أن تكون الحسابات القديمة التي يحملها تجاه أيّ من الناديين أو كلاهما سبباً في عدم قدرته على إدارتها بشكل قوي وإعطاء كل ذي حق حقه، وبالتالي الدخول في صراعات مقلقة، والواجب أن لجنة الحكام تحمي حكمها من أيّ إساءة سواء كان ذلك من صحفي أو من مسؤول، لكن في نفس الوقت تحمي الأندية والرأي العام من أخطاء حكامها فإذا جاء النقد صحيحاً لأخطاء وقع بها الحكم دون المساس بشخصيته وكرامته تم قبوله، أما إذا كان إسقاطات انفعالية ومحاولة صرف أنظار الجمهور عن الخسارة بوضع الحكم شماعة فهذا لا يمكن السكون عليه.

أفكار الحمدان
أعجبتني بعض الأفكار التي طرحها الحكم الدولي السابق ناصر الحمدان الذي استغرب حقيقة عدم الاستفادة من هذا الرجل في إدارة لجنة الحكام مستقبلاً حينما طالب بإلغاء الجهاز اللاسلكي للحكام، واعتبر ذلك سبباً من الأسباب التي تؤدي إلى تشويش فكر الحكم وعدم قدرته على المتابعة الدقيقة، واعتبر أن عدم احتساب هدف إنجلترا أمام ألمانيا كان سبب هذا الجهاز؛ وطالب عدم معاقبة الحكام جميعاً في كأس العالم بسبب خطأ واحد نظراً لأن وجود الأطقم الموحدة في إدارة المباريات يسبب القضاء على القدرات والمواهب لأن أيّ خطأ يقوم به واحد من هذا الطاقم يتسبب في معاقبة الكل، وهذا فيه ظلم وعدم التفريق بين إمكانيات كل حكم كما طالب الحمدان بإعادة النظر والتدقيق في "الاختبارات الطبية" بحيث إنه لابد من إجراء اختبارات عند تقدم أيّ شخص للتحكيم تشمل النواحي العقلية والتربوية، وهنا أعتقد أن الحمدان قد لامس موضوعاً مهماً.. فقد طالبت شخصياً به قبل سنوات أن تكون هناك اختبارات قبول للحكام، بحيث لا يتم قبول أيّ شخص لأن الحكم مثل القاضي في المحكمة بل إن الحكم قد يدير مباراة قيمتها بالمليارات بينما قد يحكم القاضي بقضايا بالآلاف وهنا تكمن أهمية اختيار الحكم.
وقد أعجبتني من ضمن الاقتراحات التي قدمها التشديد على أن يتجاوز الحكام أيضاً اختبارات اللغة الإنجليزية لأنها تساعد الحكام على استيعاب المحاضرات العالمية والاستفادة منها بالإضافة إلى قدرته على إدارة أيّ مباراة عالمية وتمكنه من التعامل مع اللاعبين بشكل جيد هذه المقترحات التي لم يتفاعل معها الإعلام للأسف الشديد ولقيت صدى قوياً عند رئيس لجنة الحكام بالـ(فيفا) الذي تفاعل مع هذه المقترحات، بالإضافة إلى رئيس الاتحاد الآسيوي وهذا يجعلني أكرر المطالبة بالاستفادة من قدرات الحمدان الذي كان من أبرز الحكام القادرين على قيادة المباريات بالابتسامة والتعامل الراقي مع اللاعبين وهذا الأسلوب هو الأهم في زرع الثقة لدى اللاعبين والجماهير حتى تكون قرارات الحكم مقبولة.