|


أحمد المطرودي
الإعلام الحقيقي
2011-02-22
بصراحة أصبت بإحباط شديد وأنا أقرأ مقالاً لأحد الكتاب الصحفيين وهو ينتقد الطرح الإعلامي في وسطنا، حيث طالب بألا يظهر على شاشات التلفزيون سوى الذين يحملون فكراً عالياً، وطرحاً راقياً، وأسلوباً رزيناً، وانتقد بشدة ما يحدث بالقنوات الفضائية من أساليب غير راقية في الطرح، مطالباً باحترام ذوق المشاهدين، وسبب الإحباط الذي أصابني من قراءة هذه السطور أن ذلك الكاتب رغم كبر سنه إلا أنه مازال مبتدئاً في الكتابة الصحافية، وهذا ليس عيباً ولكنه تجاهل انتقاد نفسه، وأن ما قاله عن الآخرين هو في الحقيقة ينطبق عليه تماماً، فقد أصبح مضرباً للمثل عند المتابعين بالخروج عن النص، واستخدام الألفاظ غير اللائقة، وكثرة المقاطعات وعدم احترام آراء الآخرين والتطاول عليهم وتصنع الإثارة والانفعال الزائد عن الحد وعدم تقبل النقد، فكيف يعتقد هذا الشخص أنه بريء من هذه الصفات ويسقطها على الآخرين؟ وهل يعتقد فعلاً أنه شخصية لا ينطبق عليه ما طرحه أو أنه يتجاهل ذلك أو لا يعلم حقيقة نفسه ورأي الناس فيه، وفي كل الحالات فالنتيجة النهائية أنها مصيبة فعلاً، وهذا يجعل دائماً الكاتب الصحفي تحت خط المواجهة مع الآخرين لأن آراءه سوف تخضع دائماً للظنون والمحاسبات وعدم قبولها بناءً على مواقف سابقة أو ميول، ولهذا بعض الناس قبل أن يطالع المقال يبحث عن نوايا كاتبه ومغزاه ومقاصده التي يبحث عنها سواءً كان ذلك من خلال طرحه الواضح أو ما يمرره من خلال سطور غير واضحة يبحث فيها المتلقي عن تفسيرات لهذه السطور، وتتضح غاية الإعلامي من خلال بحثه عن الوصول إلى الوسائل على حساب الغايات والأهداف السامية والنبيلة فيتحول مثلاً مقدم البرنامج إلى مهرج ومثير بطريقة ساخرة رغبة في تحقيق الشهرة حتى لو كان ذلك على حساب الحقائق والأشخاص، وهذا يجعله يقفز دون حساب فيسقط من عيون المتابعين ويتحول في نظرهم إلى شخصية كوميدية يمارسون التسلي في مشاهدة برامجه وهم يتندرون على تصرفاته المخجلة وأساليبه المضحكة واعتزازه بنفسه المبالغ فيه وادعائه الجرأة والشجاعة وهو لا يملكها وهو ما يجعله دائماً يتعرض لمواقف محرجة..لأن فاقد الشيء لا يعطيه. إننا نحتاج إلى إعلام حقيقي يرفع مستوى الوعي، ويخفف من حدة التوتر، ويقلل من التعصب، ويساعد على تقبل الجماهير للقرارات والنتائج، فالإعلام صار تأثيره حتى على رؤساء الأندية الذين كانوا مضرباً للمثل في المثالية والتعامل الراقي لكن كثرة الطق تذيب الحديد، فقد نجح الإعلام في إقناع هؤلاء أنهم مظلومون فخرجوا عن لياقتهم المعروفة.