|


أحمد المطرودي
غاية النقد السامية
2011-08-16
إذا كتب أحدهم وانتقد ثم صارت وجهة نظره خاطئة شن البعض هجومه الشخصي عليه مبتعدين عن أصل الفكرة ومضمونها، وهذا يجعل لدى الناقد حساسية وانفعالاً ورغبة في تأكيد وجهة نظره، وهناك من يتمنى أن تكون النتائج لصالح فكرته حتى يخرج ويسكت منتقديه بالصوت والصورة وابتعاد الناقد عن الغاية السامية والهدف المنشود لأسباب النقد تجعله يشطح كثيراً ومن أسوأ الأمور أن يمارس الشخص انتقاداته من خلال الإقصاء، فكل شيء فيه عيوب وإيجابيات وليس من المعقول أن تقصي ما تريد نقده بسبب فرزك لبعض الأخطاء ولنا في القرآن مثال فهو ينتقد من جهة وينصف في أخرى عندما أنصف النصارى بقوله (ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى)، وما كنا نعانيه من بعض القراء وطريقة إقصائهم للكاتب وممارسة الخصومة معه لمجرد أن طرح رأياً يخالف وجهة نظرهم أصبحنا نشاهده الآن من بعض الزملاء الذين صاروا يتراشقون بالعبارات المسيئة تجاه بعضهم بسبب اختلافات في وجهات النظر، وكأن المساحات التي منحت لهم هي فرصة للتشفي وفرد العضلات، وكان الأولى أن يستفيد القارئ من آرائهم ويفرز ما يراه مناسباً وليس من الحكمة أن تجاري الآخرين بانفعالاتهم وسلوكياتهم فإن فعلت صرت مثلهم كما قال الشاعر العربي:
إذا جاريت في خلق دنيئا.. فأنت ومن تجاريه سواء
وهناك من يعتقد أن عدم الرد هو ضعف فيشمر عن ساعديه ليشتم ويتهكم ويسيء ويدخل في أمور شخصية ليس لها دخل في موضوع النقاش، وكنت في الأسبوع الماضي قد تشرفت بدعوة من أخي رئيس تحرير “الرياضية” للقاء الأمير نواف في أمسية “الرياضية” وقد استوقفني كلام خطير ذكره عن خوف الكثير من الذين نرغب في الاستفادة منهم في اللجان من سهام النقد الجارحة التي تمس أسرهم وتهين كرامتهم وتحط من قدرهم، وكل هذا باسم النقد الذي يجهل الكثيرون أصوله وحتى تعريفه ويرون أن النقد هو أن تنقب عن السلبيات والعيوب وتطرحها حتى الصحفيون حينما يستخدمون عبارات غريبة مثل شن فلان هجوماً على آخر وكأننا في حرب، بصراحة الوسط الإعلامي يحتاج إلى رقي في التفكير والطرح وأن تشبع المقالات بمادة غنية تفيد المسؤول قبل أن تثقف القارئ وتطوره، ولكن علينا أن نعترف بأن كل إناء بما فيه ينضح، وأن فاقد الشيء لا يعطيه، فكل كاتب يعبر عن أسلوبه وتربيته وشخصيته والتجرد من التعصب والميول يعطي المجال الأوسع لأن يطرح الكاتب رأيه باتزان، لكن هذا لا يعني أن يتخلى الشخص عن قول الحقيقة تحت بند الإنصاف.