|


أحمد المطرودي
صراعات الرأي والفكر
2012-01-17
الصراعات التي تحدث في المجتمع تحدث نتيجة أن التكنلوجيا خلطت الأوراق وأعطت المجال للجميع من كل الطبقات، فيناقش شخص جاهل عالما كبيرا ويقل أدبه، وقد يستغل ضعاف النفوس الساحة ليملؤونها بالاتهامات الباطلة لمن يختلف معهم وتقديم الإساءات الانتقامية.. لينقلوا الساحة من طرح الأكاديميين ومناقشة العلماء والمفكرين إلى مهاترات المرضى والمتعصبين، وهناك نوعية لاتملك الثقافة التي تؤهلهم لمزاحمة المبدعين، لكنهم نتاج تربية راقية لم تسمح لهم بالتطاول بل احترام الجميع، والنخبة تجد منهم التعامل الرومانسي والمجاملات والاحترام، وثقة الشخص في نفسه تمنحه فرصة الاستفادة من الآخرين وليس الدخول معهم في منافسة قد تسبب الغيرة والحسد (نعوذ بالله منهما)، كل إنسان له إيجابيات وسلبيات، والإنسان السوي هو الذي يعرف إمكاناته فيتواضع للأقل منه ويستفيد ممن يفوقونه ويحترمهم.. الآن لا يحترم التلميذ أستاذه.. تدرون لماذا؟ لأن التلميذ يستطيع أن يفعل ويصل مثل الأستاذ وأكثر منه أيضا، فالطريق إلى النجومية لا يحتاج للمواهب والقدرات والعلم والتجربة الكافية، بل أساليب يعرفون عن طريقها كيف يأكلون الكتف ويحققون أهدافهم ويصلون لغايتهم، مشكلة أن تناقش شخصا مؤدلجا وإجاباته جاهزة مهما أعطيته من مبررات وشرحت له وجهة نظرك تجد الرد مغايراً تماما عن فكرة النقاش، بل هو سب مكرر وإنشائي لشخصك بعيدا عن فكرة موضوع النقاش، وشخصيا استمعت لنصائح بعض الذين تربطني بهم تواصلات وتغريدات أن أتجاهلم ولا أرد إلا على من يستحق المناقشة، وقد كانت نصيحة ذات قيمة استفدت منها كثيرا، ومن أسباب وجود هذه الظاهرة أن علاقات الناس تقاربت ولكن التواصل بينهم لا يأتي من خلال رحلات أو طلعات بر وسياحة يعرف كل شخص الآخر ويفهم نفسيته، وتحدث بينهم مواقف تظهر أخلاقيات ونبل وكرم وشهامة وشجاعة وصدق ونزاهة، بل الرابط بينهم هو الرأي والكلمة، وهنا تظهر ثقافة الاختلاف، فقد يجرمك أحدهم لأنك قلت إن هدفا يراه صحيحا غير صحيح، ويكيل السب والشتم والإهانات والتهم التي تدين وليست تبحث عن الحقيقة، والأصعب على الكاتب أن تكون عقلية القارئ لاتستطيع فهم ما يطرحه ويفسرها بعقليته وتجربته وليس كما يريد الكاتب، ومن السلبيات أيضا عدم وجود منهجية وخط ثابت، فهو يناقش ضربة الجزاء الهلالية أمام التعاون ثم ينتقل للحديث عن البترول وهيئة الأمر بالمعروف والاختلاط وقيادة المرأة للسيارة، ثم يعود لمناقشة تربية الأطفال وأزمة السكن وأسباب الازدحام في الشوارع، ويختم ليلته بإثبات أن التحكيم يميل للهلال.. هذا التشتت يفقد التركيز ويضيع الأفكار ويقلل الحضور، وهنا علينا أن نعطي القوس بارئها، ونوظف القدرات، ونوزع المهام، ونستوعب الأدوار، ونحترم التخصص والمرجعية العلمية.