|

رؤية 2030 آفاق عالمية للرياضة أرقام وإنجازات





د. محمد باجنيد
إنها تمطر..!
2008-12-04
كلما التقيت جاري الذي يسكن أمامنا وكان الجو ماطراً استقبلني بتحية بائسة قائلاً: إنها تمطر!
ولأنني مثلكم جاف صيفاً وشتاءً فلم يكن بمقدوري إخفاء ابتسامة السعادة التي تغمرني وأنا أرى السماء ملبدة بالغيوم والمطر يهطل.. بلا (انمبرلا) أستقبله، فيما يختفي جاري كسيراً ممنياً النفس بيوم جديد صحو مشرق!
الناس هنا في الغرب لا يحبون المطر.. ولكنهم لا يخشون تبعاته فالماء الذي ينزل بشكل متواصل لا تتأثر به بيوتهم ولا يُغرق شوارعهم ولا يقتل البسطاء منهم في الأرياف، لأن مصارفه قد جهزت منذ قديم الزمان. إنهم فقط (ملوه).. أما نحن فله في قلوبنا مكانة تجعلنا نفرح به ولو حول مدننا إلى برك تسبح فيها السيارات!
نعم.. في جلاسكو - هذه المدينة التي أكتب لكم منها - لا يوجد ما يمكن أن يحمل القلق للسكان عند سقوط الأمطار.. حتى الثلج وجدوا له حلاً.. اكتشفت ذلك في الشتاء الماضي بعد أن نزل (السنو) كثيفاً وغطى الأرض بارتفاع كبير، وقد كنت أظن أنه لن يكون بإمكاني الذهاب بالأولاد إلى أحد التلال القريبة لنمارس متعة التزلج كما فعلنا ذات شتاء حين زرنا (فورت وليام) في الشمال الأسكتلندي، لأن السيارة كانت مغطاة بالثلج بعد أن غطى (السنو) كل شيء في ذلك الشارع الصغير، ولكن جولة قصيرة سيراً على الأقدام كشفت لي أن الشوارع الرئيسية كان قد أزيل منها الثلج بواسطة سيارات خاصة تجرف الثلج وتسكب الملح لتسهل على الناس الانتقال بيسر!
ولولا أن الوقت كان قد تأخر لذهبنا للتزلج على تلك التلال المكسوة بالبياض.
ذلك التجاوب السريع من بلدية (جلاسكو) - في تعاملها مع ما تخلفه الظروف الجوية - يخرجني الآن من هذا الاسترجاع اللذيد لتلك الأيام الشتوية الجميلة التي باتت قريبة.. يعيدني إلى البلد (الحبيب).. يذكرني بصورة المياه المتجمعة في الشوارع عقب سقوط الأمطار.. والسيارات المتوقفة.. والشوارع الإسفلتية المليئة بالحفر بعد أن يتوقف المطر ويجف الماء.. وما أسرع الحالة الأولى وأبطأ الثانية! إنني أتنفس بحرقة وأظل أعيد الكلام متسائلاً بـ (براءة الكبار): كيف نغرق في شبر ماء ونحن نملك كل هذه الإمكانيات؟!.. وهؤلاء بإمكانياتهم الأقل يذيبون الجليد على امتداد هذه الشبكة الكبيرة من الشوارع والطرقات.. بعد أن جهزوا مجرى الأمطار من قديم الزمان؟.