|


د. محمد باجنيد
لا عشاء للمتعصبين
2010-01-08
أعيدكم اليوم إلى الوراء كثيراً.. أو قليلاً.. إلى ما يزيد على الثلاثين عاماً!
(النـزلة).. حارتي (الجداوية) التي قضيت فيها أجمل أيام حياتي.. إنها أيام الصبا.. والهوى.. والانطلاق!.. كنا أقوى من الصخر.. أرق من الريشة!.. نلعب الكرة في (عز الظهيرة).. ولا تؤثر فينا (ضربة الشمس).. نتغزل بها لا بـ(القمر).. نغني لها: (طلعت يا ما أحلى نورها شمس الشموسة)..!
كنت أحب الكرة بجنون.. آخذها معي إلى كل مكان.. أطبق الـ (ون تو) مع (الجدران).. حتى وإن ذهبت إلى (الدكان)!
كنت (.....) متعصبا.. حين يخسر فريقي أحمل هم الظهور، ومقابلة (الجمهور).. أنصار الفريق المنافس!
كانت تجمعنا مدرسة واحدة.. ما في فكة.. الخيار الوحيد هو الغياب.. وهو خيار صعب في ظل وجود العقاب.. في زمن (الباكورة) و(الفلكة)!
اذاً لا بد لي أن ألتقي هؤلاء المحتفلين بخسارة فريقي!.. أواجه تعليقاتهم الساخرة الماكرة!
أما اليوم فقد أصبحت أشاهد المباراة النهائية أو المصيرية - كما يقولون - بأعصاب هادئة، وإذا خسر فريقي وما أكثر ما يفعل؛ أزعل قليلاً ثم سرعان ما أشعر بالجوع فأنطلق أبحث عن إكمال تلك الأمسية الكروية بوجبة عشاء ساخنة في أحد المطاعم السريعة وربما (البطيئة)!
سهرة كروية لا تسلبها الخسارة إثارتها، ويزيدها الفوز حلاوة!
أعرف أن الحياة تعج بالمتعصبين وأدرك حالهم وكيف أضحى ترمومتر عواطفهم يتأرجح بين الحزن والفرح!.. تعتصر قلوبهم مع كل فوز أو خسارة!
لقد تحررت كثيراً من لوثة (التعصب).. وأصبحت أهنأ بالجمال الكروي بكل ألوانه!
هنيئاً لمن يستمتع بروعة الأداء.. ولا عزاء.. ولا عشاء.. للمتعصبين!