|


د. محمد باجنيد
أين (الباص) يا ناس؟
2011-07-22
ركبت (الباص) في بلادنا قديماً.. ربما بدأت هذه التجربة اللذيذة وأنا في الثانية عشرة من عمري.. من النزلة ـ حارتي الجداوية التي عشت فيها أجمل أيام حياتي ـ إلى طريق مكة مروراً بقصر خزام.. أقطع تلك المسافة الطويلة مشياً على الأقدام لأستقل (الباص).. معظم الناس في ذلك الوقت كانوا يستخدمون النقل العام.. لم تكن تزعجني كثرة توقف الباص.. كنت أستمتع بتصفح وجوه النازلين والصاعدين!
وبعد أن فتحها الله علينا وأصبح كل الناس يملكون سيارات لم يعد لخدمة النقل العام قيمة.. بدت في أسوأ حال.. يركبها العمال البسطاء قبل أن يصبحوا أغنياء ويصير لديهم بدلاً من السيارة سيارات وعماير!.. أنا لا أحسدهم ولكن أدعو النائمين (في البصل) من أبنائنا لكي يستيقظوا ويبحثوا عما يجعل كل واحد منهم (مدير كبير) بدلاً من أن يداروا ويستغلوا من كبار رجال الأعمال الإقطاعيين الهوامير الذين يستفيدون من التسهيلات ويحققون أعلى العائدات ولا يتنازلون عن شيء يسير منها لمصلحة الوطن وأبنائه!
ليس هذا موضوعنا.. أعرف ولكنه جاء في طريق (الباص).. ولا بد أن أتوقف.. ها أنا أعود إليه أستقله هنا في (بريطانيا) وتحديداً في (جلاسكو) التي عدت إليها زائراً بعد أن كنت مقيماً.. أعود لأركبه لأجده ـ كما كان ـ سيد الطريق.. يركبه الفقراء والأغنياء على حد سواء.. أما نحن فقد امتلأت شوارعنا بالسيارات الفاخرة والتالفة والحديث ما زال صاخباً في موضوع (قيادة المرأة للسيارة)!.. لا أريد أن أتخيل ذلك ليس لأنني ضد هذا التوجه.. بل لأنني أرى أن علينا أن نقوم بجملة من الإصلاحات والتدابير قبل أن نمنح المرأة الضوء الأخضر لتشارك الرجل هذا الطريق الخطير!
وأولى هذه التدابير أن ننشئ مشروعاً عملاقاً للنقل العام.. ولا نحتاج لهذا الأمر إلى ابتكارات غريبة فالنماذج الناجحة موجودة في دول كثيرة سبقتنا ولا ينقصنا سوى أن نتبنى أفضلها ونكيفها على واقعنا وسنحل مشكلة هذا الزحام الكبير ونشغل من العاطلين الكثير.. هذا الكلام قلته كثيراً من قبل وقاله غيري.. وها أنا أعيده هنا للتذكير!