سعيد غبريس
"الأسطوري" المتهالك
2017-07-07

 

الجميع يُصدّق أن دييجو أرماندو مارادونا تحرش بالصحافية الروسية خلال إجراء حوار معه في غرفته بأحد فنادق بطرسبورج، حيث وجد هناك لحضور نهائي كأس القارات، وحين هددته بالاتصال بالشرطة أحضر شرطته الخاصة ليخرجوها من الغرفة.. قد تكون الروسية ابنة الثلاثين رغبت في ابن السادسة والخمسين، ولكن لماذا تمنعت عندما راودها عن نفسه؟ ولنقل إنّ النيّة سيئة من الطرفين، وإلاّ لماذا اللقاء في الغرفة؟ والأمر حين ينكشف، على من يكون تأثير "الفضيحة" أكبر، على الرجل الشهير الذي صُنّف بين الأساطير؟ أم على صحافية مغمورة ربما كانت تبغي الشهرة؟.

 

وطأة الفضائح، خاصة الجنسية وتعاطي المخدرات، تكون أخف على لاعب رياضي شاب وجد نفسه بين ليلة وضحاها مشهورًا وثريًّا، ومن هنا عبرت قصص خيالية عن الليالي الحمراء مع فتيات الليل، ومع شهيرات برشلونيات مذيعات وعارضات وفتيات غلاف، لم يُسجل منها الزمن سوى علاقته مع فتاة من عائلة زعيم المافيا في نابولي، فأجبروه على الزواج منها بعد عامين، أما لطخة العار التي لا تُمحى فهي إنكار أبوته من علاقة غير شرعية مع كريستينا سينجارا دامت سنتين، ورضخ بعد سنين لقرار المحاكم بإجراء فحص الحمض النووي واعترف بابنه..

 

أما وطأة الفضائح، وخاصة الجنسية، وفي مثل هذه السن، وبعد هذا السجل الملطخ بالغش وتعاطي المخدرات وترويجها والتورط مع جماعات تُسهل الدعارة لنساء برازيليات وألمانيات وإيطاليات لقاء عمولات مرتفعة جدًّا. وبعد ثلاثة إيقافات، أحدها في مونديال 1994، بسبب تعاطي المنشطات المحظورة، وبعد كل ذلك يتحرش بفتيات من عمر ابنتيه اللتين غدر بأمهما التي حملته وتحملته في أزمته الصحية التي كادت تودي بحياته من جراء الإدمان على الكوكايين والمنشطات المختلفة..

 

إدانة مارادونا بالموبقات تُصادق عليها المحاكم، خاصة أكبر محكمة في نابولي، فبعد إلقاء القبض على عصابة لترويج المخدرات، اعترف رئيسها بأن النجم الأرجنتيني زبون مهم في عملية بيع وشراء الكوكايين في أوروبا، كان ذلك في موسم 1990 ـ 1991، آخر مواسم مارادونا مع نابولي، وفي حينه صودرت كميات كبيرة من المخدرات من بيته، وأطلقت عليه الصحف الإيطالية "شريك الفضائح".

 

هذا المارادونا الذي كان يقتني سيارات بمليوني دولار، انتهى مرتزقًا بسبب الانزلاق وراء الملذات أنهت حياته رياضيًّا وإنسانًا خلال سبع سنوات في إيطاليا، فاستجدى العلاج من المخدرات في كوبا، وحين فشل في التدريب ارتزق من أموال دبي، وها هو الآن "يشحذ" جواز سفر روسي من الرئيس فلاديمير بوتين!!.

 

وحتّى في حياته بوصفه لاعبًا كبيرًا، حقق لقب المونديال للأرجنتين، ورفع نابولي إلى مصاف الأندية الكبرى، أبى إلاّ أنّ يلطخ سجله بالغش، ففي مونديال مكسيكو 86 حمل كأس العالم باليد الّتي أدخل فيها الهدف في مرمى إنجلترا في الدور ربع النهائي، خادعًا الحارس بيتر شيلتون والحكم التونسي علي بن ناصر.

 

والحق يُقال، إنها هزُلت حين نقل عن مارادونا تفكيره برئاسة الـ"فيفا"، بعد أن قدّم نفسه نائبًا للأمير علي بن الحسين المرشح بمواجهة جوزيب بلاتر، والغريب أن هذا الأرجنتيني المتهالك الغارق في الفساد رفع شعار الـ"فيفا يفتقد للقيم!!".

 

والحقيقة أن مارادونا تفوق على نظرائه اللاعبين، ولكنه لم يتفوق على نفسه، فسقط في امتحان دخول نادي الأساطير، فالأبطال الحقيقيون لا يُنسجون على منواله.