سعيد غبريس
إلى الأشغال الشاقة!
2017-06-09

هبطت أستراليا على القارة الآسيوية، في كرة القدم فقط، في الوقت الذي أخذت الكرة السعودية وجهة التراجع في كأس العالم، وتحديداً مونديال 2006، حيث كانت المحطة الأخيرة للأخضر السعودي، فيما انطلقت بلاد الكونغر بقوة في ذاك المونديال ووصلت إلى دور الستة عشر، واستمرت متواجدة في المونديالين الأخيرين اللذين اختفى فيهما المنتخب السعودي. وها هو فريقنا العربي يعود بقوة إلى تصفيات المونديال كأفضل تشكيلة منذ الغياب المونديالي، بقيادة الهولندي مارفيك الذي أتاح له الاستمرار لعامين إحلال الاستقرار في المنتخب، في حين أنّ التشكيلة الأسترالية الحالية هي "الأسوأ" منذ قفز الكونغارو إلى العشب الآسيوي، بالرغم من أنها لم تخسر أي مباراة إلى ما قبل آخر مرحلتين من التصفيات الحاسمة.


التاريخ يقف إلى جانب الأسترالي، خاصة لجهة اللقاءات في التصفيات المونديالية، والحاضر يضعه إلى جانب السعودي في كفة واحدة، أقله من حيث النتائج حتى الآن بالنقاط الستة عشر لكل منهما. والمباراة الأخيرة أمس، التي وازنت فيها أستراليا الكفة بالفوز الصعب (3-2)، كانت متعادلة في كل شيء ما عدا في النتيجة. وجاءت نتيجة الشوط الأول (2-2) ترجمة للنديّة في الأداء، مع تميّز السعودي بالروح العالية والعزيمة والجرأة والإقدام، فهو استطاع استيعاب الهدف الأول المبكر الذي جاء من خطأ الحارس المسيليم الذي أهدى كرة ولا أسهل للمهاجم الأسترالي طومي، فسجّل هدف التعادل بطريقة ولا أروع وبمجهود فردي خارق من سالم الدوسري. وبعد التقدّم الثاني للأسترالي بهدف من اللاعب ذاته وبخطأ فادح هذه المرة من المدافعين الذين تركوه يختار الزاوية التي يودع فيها الكرة الشباك دون أن يقفز أو يخطو سنتيمتراً واحد حتى، بعد هذا الهدف الثاني لأستراليا الذي جاء أيضاً على طبق من فضة، أدرك السعودي التعادل بهدف جماعي وفردي في آن، فالكرات الثلاث التي صنعت الهدف كانت كلها بمجهود فردي خارق خاصة لمسة السهلاوي الأخيرة.


شوط الأخطاء، هزّ الشباك السعودية مرتين، وأضاع عليهم هزّ الشباك الأسترالية أكثر من مرتين. والمفارقة أنّ السعوديين سجلوا هدفين صعبين، ولكنهم أضاعوا فرصتين سهلتين جداً جداً وفي مقابل فم المرمى. والمفارقة أيضاً أنّ مسجّل الهدف الأول سالم الدوسري عاد بعد غياب عن المنتخب، وأنّ مسجّل الهدف الثاني السهلاوي عاد للتسجيل بعد غياب أيضاً ليعزّز صدارته في قائمة هدافي التصفيات محققاً الهدف السادس عشر.


السعوديون الصائمون والفاقدون لأبرز العناصر جُلهم بالإصابة، والعابد بالإيقاف، لعبوا بشق الأنفس ولم يستكينوا لحظة، ولم يهابوا الجمهور الكبير.

وهم ارتكبوا أخطاءً فردية في الشوط الأول، وحوّلوها إلى خطأ جماعي في الشوط الثاني بالتراجع، الذي أتاح للأستراليين تسجيل هدف التقدّم، مع نجاة المرمى السعودي من كرات خطرة. ولا تفسير لذلك سوى فارق الخبرة، ولا أدّل على ذلك سوى قراءة أسماء اللاعبين المحترفين في الخارج، ولاسيما أوروبا، في قائمتي اللاعبين.


والحق يُقال، إنّ السعوديين حاولوا بشق الأنفس تأمين البطاقة إلى روسيا مباشرة من أرض أستراليا. ولكنّهم حوّلوا، بأخطائهم أنفسهم إلى الأشغال الشاقة، بعدما صار طريقهم وعراً. وفي مثل هذه الحالة تُعتبر الخسارة أمام أستراليا بست نقاط، ولو حصدوا التعادل لكانت أشغالاً شاقة مخفّفة.