سعيد غبريس
على كف السعودية وفي قلبها
2017-05-12

قبل سنوات كتبت مقالاً تحت عنوان: ماذا لو ترك الأمير فيصل بن فهد الاتحاد العربي؟ في ذلك الوقت كان الاتحاد العربي لكرة القدم برئاسة الأمير الراحل، تعاقد مع شركة دارمون مقابل 17 مليون دولار، على ما أذكر، ولم تلبث أن تراجعت تلك الشركة العالمية وألغت العقد، لتعود دوامة التمويل معضلة كبيرة، وليدرك الأمير فيصل ـ رحمه الله ـ أنّه والسعودية قدر الاتحاد العربي وسبب ديمومته، وليكمل جلجلة تحمّل الأعباء المالية، ليبقى هذا الاتحاد الذي رفع الأمير الراحل شعار: "الاتحاد العربي وُجد ليبقى وليستمر وليتطور"، والجميع يعرف التضحيات التي بذلها، والتي كانت تضطره في بعض الأحيان لطلب الدعم من الملك الراحل المغفور له بإذن الله فهد بن عبد العزيز.


بقي الاتحاد العربي لكرة القدم أمانة في عنق الأمير سلطان بن فهد، ومن ثمّ الأمير نواف بن فيصل، ليتلقف الأمير تركي بن خالد كرة النار منذ سنتين، وهو يدرك حجم المشاكل والمطبات التي تعاند مسيرة الاتحاد العربي، وشرع في العمل الحثيث لإزالة ما يعرقل إعادة الحياة إلى هذا الجسم العربي المصاب، بداء عدم الجدية العربية على الدوام، وكان العمل مضنياً، ولاسيما أنّ البطولة العربية للأندية دخلت في غيبوبة منذ 2009، واستردت بعض الأنفاس مرة واحدة في العام 2012، لتعود إلى غيبوبتها، ويختار العرب طبيباً ماهراً متمكناً خبيراً لإخراجها من الإنعاش..
وبصم العرب على نجاح الأمير تركي بن خالد في إعادة الروح للبطولة الأهم في روزنامة الاتحاد العربي، فجدّدوا انتخابه بالتزكية، وهو يشرف على حفل سحب قرعة البطولة تحت المسمى الجديد "البطولة العربية للأندية"، التي تحتضنها مصر في الصيف المقبل.


لم يرتجف الأمير تركي بن خالد حتى حين قرّرت قطر والإمارات عدم المشاركة في البطولة، ونجح في ثني الإماراتيين عن التراجع، وكذلك لم يرتجف حين اعتذر العين القوي والجماهيري عن المشاركة، لأنّ تعيين البديل لم يتأخر، كما أنّ الرئيس الجديد للاتحاد العربي لم يهزه نبأ طلب مدرّب منتخب مصر عدم مشاركة قطبي الكرة الأهلي والزمالك، فجاءت الطمأنة من وزير الرياضة المصري بتأكيده أنّ مصر ستحتضن العرب في الموعد المحدّد.


نجح الاتحاد العربي في تأمين "نصاب" من أندية الثقل في الوطن العربي، ويكفي أن نذكر قطبي الكرة المصرية، وقطبي الكرة السعودية، وفرق الطليعة في تونس والمغرب والجزائر والأردن والسودان.


وتأمين نصاب أندية الثقل، واكبه تأمين العصب المالي بالتعاقد مع شركة صلة لرعاية البطولة، وكذلك تأمين الحافز بمضاعفة الجوائز المالية، وبذلك يمكننا القول إنّ كلّ شيء جاهز لإقلاع البطولة العربية بحلتها الجديدة.


ولكن هل أصبحت البطولات العربية التي كانت باكورتها البطولة العربية للأندية، في مأمن وفي منأى من "المشاكل التقليدية"، مثل التداخل في المواعيد، لتوزع العرب بين آسيا وإفريقيا، والانسحابات والمشاركة بغير الصف الأول، والأهم من ذلك كلّه عدم اعتراف الاتحاد الدولي بها كبطولات رسمية، وهنا بيت القصيد، فعدم شمول مظلة الـ"فيفا" البطولات العربية، يعني أنّه لن تكون بيد الاتحاد العربي سلطة رادعة، إلاّ معاقبة الأندية بالإبعاد، في حين أننا نكثّف الجهود في كل مرة للحيلولة دون الاعتذار عن عدم المشاركة، ونقدّم الآن الإغراءات المالية في هذا الاتجاه.


والحق يُقال، إنّ الاتحاد العربي، في أساسه وكينونته وديمومته، وبطولاته ونشاطاته الأخرى، سيبقى مصيره على كف السعودية، فالمقر فيها وميزانية الاتحاد منها، والرؤساء من رجالها المرموقين، فهي الثقل المالي والاقتصادي والمعنوي، ومنها المولد وفيها الممات.