لا أحد أفضل من أحد، ففي الإمارات أُقصي ستة مدربين في أول ست جولات، وفي لبنان "الفقير" بالإمكانات المالية، تغيّر ثمانية مدربين في المرحلة الأولى من الدوري، وحتى في إيطاليا، أقال إنتر ميلانو مدربه الهولندي فرانك دي بوير بعد أقل من ثلاثة أشهر على خلافته لمانشيني، وبعدما تعرّض لأربع هزائم في آخر خمس مباريات ولم يشفع له الفوز المدوي على يوفنتوس "العظيم".
قد تكون "حالة" دي بوير نادرة في أوروبا حيث الاستقرار صفة تلازم الأجهزة الفنية، وآخر مثل على ذلك تمديد عقد لوف كمدرّب لمنتخب ألمانيا حتى العام 2020، علماً أنه بدأ في العام 2006 وفاز بكأس العالم العام 2014، وإذا ما استمر حسب العقد الجديد، يكون قد أمضى 14 عاماً معادلاً رقم هلموت شون. علماً أنّ الرقم القياسي الألماني يحمله سيب هيربرجر (28 عاماً)!! هذا من دون أن نذكر حالة فيرجوسون ومانشستر يونايتد "الأبدية"!!.
صحيح "أنّ الكل في الهوا سوا" في منطقتنا العربية، ولكن الكرة السعودية تبقى حالتها حالة.. إذ أشرف على الأندية الستة عشر 33 مدرباً خلال سبعة عشر شهراً في الموسمين الماضيين. وها هو عدد "الضحايا" هذا الموسم يسير نحو تخطي ما سبق، والآخر وليس الأخير بالطبع، المدرّب الكرواتي لنادي النصر زوران ماميتش الذي بدأ مستهل هذا الموسم، وغادر إلى العين الإماراتي مع الجولة السابعة عشرة، على الرغم من أنّه قاده إلى نهائي كأس ولي العهد على حساب الغريم التقليدي الهلال وإلى المربّع في دوري جميل.
وهذا الكرواتي زوران مثل الأوروجوياني كارينينو، توقّف مع النصر وفي جعبته انتصارات، ويبدو جلياً أنّ رحيله بإرادته ناجم عن خلافات لم تُحل دون تجديد عقده موسماً جديداً، ولم يكن السبب الخسارة القاسية أمام القادسية في الجولة السادسة عشرة من الدوري، ولا الخسائر أمام أندية المنطقة الشرقية.
والحالات التي يستقيل فيها المدرّب الأجنبي ولا يُقال، قليلة، وآخر أبطالها سويسري الأهلي جروس وأوروجوياني وكرواتي النصر كارينيو وزوران، وهؤلاء هم من يصح أن نطلق صفة "الثعلب" عليهم لأنّ حاسة الرواغ عندهم قوية، فيهربون حين يستشرفون النواحي السلبية المقبلة لا محال.
وأمّا "ثعلبنا" الجديد الفرنسي كارتيرون فإنه بدأ رواغه مع النصر قبل أن تطأ قدماه الملعب، فصفة الثعلب التي سبقته إلى الرياض، كما غيره من المدربين الذين منحهم الإعلام هذه الميزة، لا تظهر خلال المباريات لأنّ كثيراً من هذه "الثعالب" لم تكن سوى "سعادين" تأكل الموز وتهرب.. ولا ندري إذا كان الفرنسي الملقب بـ" الثعلب" قد بنى وعده بفريق قوي مغاير وبنصر آخر، على علمه (وليس مشاهدته) بأنّ بطل الموسمين الماضيين شارك في بطولة أندية العالم 2000!!.
وكان الأهم أن يعلم مدرّب النصر الجديد أنّ سلفه عاش في دوامة الخلافات الداخلية منذ الجولة الثانية، وأبرزها المواجهة بينه وبين القائد الصلب حسين عبد الغني، الذي لم يعد إلى الملاعب إلا بعد رحيل الكرواتي المخادع، الذي لم يحزم حقائبه إلا بعدما أجرى التعاقد الملتبس مع نادي العين الإماراتي.
"الثعلب" الفرنسي ربما شعر بحقيقة الخلافات الداخلية، حين سمع تصريح رئيس النادي الأمير فيصل بن تركي بأنّ هناك من يعمل ضده في النادي!!.
والحق يُقال، إنّ نادي النصر سيتأكد بأنه وُفق في تعاقده مع الفرنسي كارتيرون، حين يُثبت في الملعب أنّه المدرّب الذي قاد مازيمبي الكونغولي إلى لقب بطل أفريقيا 2015 ولقب الدوري المحلي مرتين وأنّه لعب لأندية رين وليون سانت أتيان وكان، وأمّا النصر فعليه أن يحيّد مدربه الجديد عن مشاكله الكثيرة، وألاّ يُهِدر من جديد نصف مليون يورو إلى مراوغ جديد.