سعيد غبريس
لا تكتب عن أصحاب المال!!
2016-12-23

المحاضرة الأولى في كلية الإعلام ببيروت في بداية السبعينات ركزّت على أن عمر الصحافي وحسب إحصاءات يقل 14عاماً عن عمر الإنسان العادي كونه يمارس "مهنة المتاعب" ومن هنا ومن اليوم الأول عليكم إعادة النظر أو المتابعة.

 

المحاضرة الثانية كانت بمضمون ما جاء في مقالة زميلنا إبراهيم بكري وما يتعلق "بالدور الرقابي والأخلاقي للصحافي.. وبالمهنة العظيمة وبميثاق الشرف الراسخ..".

 

في حياتي الإعلامية والصحافية في شكل خاص والتي لم تقتصر على الرياضة وحسب واجهت اختبار النفس حيال مضمون المحاضرة الثانية، وأود في هذه العجالة أن أنقل بعضاً من التجارب التي وضعتني أمام تحدي الذات ولو أني لن أستطيع أن أتجنب آفة الأنا المقيتة عندي وعند الآخرين لأن ما أورده حصل واقعاً.

مشارفتي العام السبعين تدحض نظرية عمر الصحافي الأقصر من عمر الإنسان العادي ذلك أن معدل عمر الإنسان في لبنان يتراوح بين 70 و75 عامًا، وهذا يعني أنني كسرت بفضل الله مدة الأربعة عشر عامًا المزعومة.

 

محطات لا تُحصى عن الدور الأخلاقي وخاصة ما يتعلق بالرشوة أو بالتعبير المخفف "الإكرامية"، وربما سأكتب مئات بل آلاف الصفحات بجرأة وصراحة ولكن في هذه العجالة أذكر نصيحة شكلت ضابطًا جاءت من الشيخ الشهيد فهد الأحمد الصباح ـ رحمه الله: "تابع على هذا لا تطلب فلوساً من أحد نحن كرماء نعطي من يطلب ولكن...".

 

نصيحة في العام 1980 ومن عالم الاغتراب اللبناني في أفريقيا الغربية: قال لي صديق مغترب في أبيدجان حين اتصلت به وأعلمته بأني مكلف بمهمة إجراء تحقيقات عن أوضاع اللبنانيين في أفريقيا الغربية: من سوء حظك أنك في طليعة الشحاذين الذين يأتونا في زيارات من لبنان، الصحافي ثم المطرب.

 

نصيحة ثالثة من خالد البلطان: لا تكتب عنا نحن أصحاب المال ورجال الأعمال، فسيقولون إنك تقبض منا... هذه النصيحة كانت قبل أن أكتب مقالاً عن منصور البلوي الذي يصوره البعض بأنه أوناسيس الشرق!!! كان ذلك غداة إقالته من رئاسة نادي الاتحاد، وآنذاك تعرضت لحملة شرسة "رسمية" منظمة تابعها آخرون على طريقة عصا سباق التبادل، وفُرض عليّ حظر لسنة. وبالطبع حصدت تعاطفًا ولن أنسى "فزعة" الكاتب الكبير عاصم عصام الدين في جريدة شمس.

 

وحين قدمت برنامج "قضية الأسبوع" في الفضائية اللبنانية LBC عام 2001 كأول برنامج عن الرياضة السعودية في قناة فضائية عربية، لم يعجب ذلك بعض الجهات، فتعرضت لحملة مناهضة للفكرة، فقال لي أحد رعاة البرنامج من الإخوة السعوديين: إن استمرارية البرنامج متعلقة بمدى صمودك، ثم فاجأني بالسؤال: هل لك ارتباطات مالية بجهات خليجية؟... لو كانت هناك ارتباطات مالية لما استمر البرنامج 11 عامًا!!

 

ولن أنسى سؤالاً طرحه عليّ على الهواء مباشرة مشاهد سعودي: هل صحيح أن سامي الجابر أعطاك 50 ألف دولار لتمنحه جائزة الحذاء الذهبي من مجلة "الوطن الرياضي"؟.

 

لعلي الإعلامي العربي الأكثر ارتباطاً برياضة منطقة الخليج "الغنية"، فهل هذا يعني أني ثريّ لطالما أني أغرف من الريالات بأكياس الخيش؟؟ اسألوا منصور الخضيري ومحمد النويصر ود. حافظ المدلج وسعد المهدي وعيد الثقيل.