سعيد غبريس
من التشويش إلى التشويق
2016-11-25
بعض الدلائل كانت تشير إلى أنّ النسخة الأربعين من الدوري السعودي ستكون مخيّبة ما يجعل المتشائمين يمضون بقناعة أكبر أنّ هذا الدوري لم يكن الأقوى عربياً أو أنّه كان ولم يعد، فالارتباك كان يخيّم على تشكيلات أكثر من فريق طليعي مثل الاتحاد والنصر والشباب لعدم إمكان تسجيل لاعبين تمّ التعاقد معهم بسبب الديون حتى أنّ أحد الأندية "لحّق حاله" قبل يوم، وآخر عشية يوم البداية، وثالث بعد مرور يوم، ورابع بعد مرور أسبوع أو أكثر..


ولم تكد تمضي ثلاث جولات حتى أصبح الوضع أكثر تشويشاً من ذلك أنّ بطل ووصيف الدرجة الأولى الاتفاق والباطن هزما النصر والشباب، بل إنّ الاتفاق هزم الهلال أيضاً رافق ذلك إطاحة رؤوس المدربين باكراً وتضاؤل واضح في أعداد رواد الملاعب.


وسرعان ما انكشف عدم الاستقرار الفني في مستويات فرق المقدمة وهذا ما وسّع مروحة الفرق المتنافسة وقلّص بالتالي فارق النقاط فوصل إلى ثلاث تفصل بين المتصدّر وصاحب المركز الخامس وفي حين كان الإتحاد منفرداً في بالصدارة بنقاط كاملة حتى الجولة الثالثة كان رصيد أربعة فرق ست نقاط (الاتفاق والأهلي والهلال والنصر).


ولكن لقاءات الفرق الكبيرة مع بعضها البعض فيما يُعرف بـ "الديربي" و"الكلاسيكو" أضفت الحماسة والإثارة مع مفارقات لافتة كأن يفوز النصر على الاتحاد والأهلي ويخسر أمام الاتفاق وكأن يكتفي الأهلي بتعادل مع الاتحاد فيما لا يحقّق الهلال فوزاً و يتلقى خسارتين من "الإتي" مكرّر (الاتفاق والاتحاد).


من المفارقات أيضاً أنّ الفريق الذي لازمته المعاناة التي تحوّلت إلى مأساة بوفاة الرئيس الجديد القديم المنقذ أحمد مسعود (رحمه الله) هو الأكثر تصدراً لجولات الدوري التسع بمعدّل أكثر من النصف (5 من 9) ولكنّه لن يكون صاحب النفس الطويل في السباق حتى النهاية، فعميد الأندية الذي انفرد بالصدارة في أكثر الجولات وكان الوحيد الذي جمع العلامة الكاملة في الجولات الأولى وبقي الوحيد الذي لم يخسر حتى الجولة السادسة (أمام الشباب) وأكثر الفرق تهديفاً، هذا العميد الأكثر تصدراً لا يملك مقومات الصمود كما هي لدى الفريقين الأقل تصدراً الهلال والأهلي (مرتين لكل منهما)، وحتى لدى النصر الذي شارك في الصدارة نقاطاً ولكن لم تكن صدارته "صريحة" إذ كان يحرمه منها فارق الأهداف وها هو في نهاية الجولة التاسعة في موازاة الهلال نقاطاً وخلفه في حسبة الأهداف.


والهبوط "الحاد" للاتحاد من الصدارة للمركز الثالث كان لمصلحة الهلال الذي انتزع منه أيضاً صدارة التهديف لكنه لا يعني بالضرورة بداية العد العكسي للخروج من المنافسة في وقت قريب فتبادل المراكز المتواصل كان سمة الثلث الأول من الدوري وقد مرّ الدور على الجميع، فالهلال تأرجح بين الصدارة والمركز الرابع، والنصر من الثاني حتى الخامس، والاتحاد من الصدارة للرابع، والشباب ارتقى من المركز الـ12 إلى الثالث فالخامس.


وتبقى مفارقة أو مصادفة: قطبا العاصمة الهلال والنصر بالرصيد ذاته صدارةً ووصافةً، وقطبا جدة الأهلي والاتحاد بالرصيد ذاته ثالثاً ورابعاً.


ونصل إلى النتيجة: دوري قوي ومثير وممتع.