سعيد غبريس
الهولندي (لابس) طاقية الإخفاء
2016-09-30
الكرة السعودية حافلة في مستهل هذا الموسم بقضايا ومواضيع متعددة ومثيرة، ولكن الشق المتعلّق بالمدربين هو الأكثر إثارة لغرابة ما حصل في الشهر الأول من بداية الدوري، من حيث إقالة أربعة مدربين، إلى جانب وضع عدد آخر في دائرة خطر الإقالة المتوقعة في أي لحظة. ولعلّ أقربهم إلى "المقصلة" البرتغالي جوميز مدرب الأهلي، الذي أنقذته ركلتا جزاء السوري عمر السومة ترجمهما هدفين في مرمى الفيصلي تخطى بهما إلى دور الثمانية لكأس ولي العهد.
ومع أنّ إقالة الأوروجوياني جوستافو ماتوساس مدرب الهلال، المادة الأدسم في وليمة التضحية بالمدربين مراعاةً لمزاج الشارع الرياضي و"إعلام الأندية"، فإن "أحجية" الهولندي بيتر فان مارفيك مدرب المنتخب السعودي تفرض نفسها وذلك عشية الاستحقاقين الهامين أمام منتخبي أستراليا والإمارات في إطار الدور الحاسم لتصفيات آسيا المونديالية، وخصوصاً أن المباراتين تقامان في جدة، وإذا واصل المنتخب حصد العلامة الكاملة في أربع مباريات، فإن الآمال بالتأهل للمونديال الخامس في روسيا 2018 تتعزز أكثر.
ولا يخفى على أحد أن هذا إذا حصل، سينقذ رأسين معينين، أولهما المدرب الهولندي الذي لا يشفع له حتى الآن سوى أنه لم يخسر في 8 مباريات (مع تعادلين)، وأنه جمع 6 نقاط في المباراتين الأوليين أمام تايلاند والعراق، كما أن تخطي المباراتين المقبلتين بنجاح تام سيعزز من تصنيف المنتخب السعودي عالمياً ويجعله ضمن الخمسين الأفضل، مما يعني أن هذا نجاح ما بعد نجاح، فما يهمكم بعد إذا كان الهولندي يمضي أوقاتاً طويلة من الموسم الرياضي في بلاده محللاً فنياً لإحدى المحطات الهولندية، فها هو يحقق النتائج المطلوبة ويوصلكم إلى الهدف المنشود بعد الغياب عن المونديالين الأخيرين.
لا شيء مستبعد في إمكانية أن يتخطى المنتخب السعودي نظيريه الأسترالي والإماراتي، وليس هناك استحالة في عودة "الأخضر" للمونديال، وحين ذلك ستسقط كل الحجج التي تُساق الآن، والتي تُفضي إلى عدم أهلية هذا الذي قاد منتخب بلاده إلى نهائي مونديال 2010 ولم يخسر إلا بركلات الترجيح، كما فاز مع نادي فينورد بكأس الاتحاد الأوروبي على حساب دورتمند الألماني في 2003.. فالتاريخ لم تعد له حسابات في موازين القوى، فمدربنا الهولندي أمضى سنواته الأخيرة عاطلاً عن العمل، أو يجر أذيال الخيبة والفشل سواءً مع اتحاد الكرة الهولندي أو مع أندية ألمانية (هامبورج) وهولندية في الدرجة الثانية. وهو برغم إنجازاته، لم يقنع السعوديين، إذ استدعى بعض المصابين وغير الجاهزين فنياً، واعتمد على لاعبين غير أساسيين في أنديتهم. ولائحة الأخطاء التي يُجمع عليها الإعلام السعودي والمحللون والخبراء المحليون، تطول وتتنوع.
والحق يُقال، إنّ مارفيك بوضعه الحالي، وبوجوده في بلاده لتحليل مباريات الدوري المحلي فنياً، وأحياناً تحليل مباريات الدوري الإنجليزي، وعدم حضوره مباريات مهمة جداً حتى وإن كانت نهائي كأس ولي العهد، ومباريات الكلاسيكو والديربي في الدوري.. إن هذا الوضع لا يقبل به أي اتحاد كرة في العالم، والعبرة نأخذها من الاتحادين الياباني والكوري الجنوبي، اللذين لم يوافقا على الشرط الذي قبل به الاتحاد السعودي، بتواجد مارفيك أغلب الفترات على أرض بلاده.
وفي رأيي أن مارفيك حالة شاذة في عالم التدريب، ونقطة سلبية جداً في أداء اتحاد الكرة السعودي، وحتى ولو وصل المنتخب إلى المونديال. وأكثر ما يؤلم في هذه الحالة، الصورة الضبابية حول حقيقة العقد مع الهولندي "لابس طاقية الإخفاء" فلا نعرف من الصادق: الاتحاد أم المدرب، ومع الاعتذار من محمد عبد الوهاب في أغنيته.. احترت أصدق مين.