سعيد غبريس
لا فعل إيمان بأقوال بلاتيني
2016-09-16
لو كان ميشال بلاتيني صادقاً في قوله أنّ كرة القدم رياضة قبل أن تكون سوقاً، لما كان تحوّل من شاهد إلى متهم، فموقوف فمطرود خارج الاتحاد الأوروبي لكرة القدم، وكان أصبح بالتأكيد رئيساً للاتحاد الدولي..
ولو كان فرانتس بكنباور صادقاً في قوله أنّه كان متطوعاً كرئيس لمونديال بلاده ألمانيا في 2006، لما كانت سمعته تلطخت بتهمة إضافية علاوة على تهمة شراء الأصوات لصالح ألمانيا في ملف استضافة مونديال 2006، إذ تمّ الكشف مؤخراً عن تقاضيه 5.5 مليون يورو من الجهة الراعية لذاك المونديال الذي حصلت ألمانيا على "شرف" استضافته بفارق صوت عن جنوب أفريقيا..
ولولا الفساد المستشري في كرة القدم العالمية، و"معقله" السلطة الأعلى المتمثلة بالفيفا، لما دخل أولي هونيس رئيس بايرن ميونيخ السجن..
ولولا الجشع "الوحشي" لما تهرّب أكثر من نجم عالمي وآخرهم نجم النجوم الأرجنتيني ميسي من دفع الضرائب برغم أنّ ما جناه من أموال وما زال، تكفي لإنقاذ دول وشعوب من الجوع..
ولو أنّ الرياضيين الذين وصلوا إلى مرتبة النجوم يقتدون بالأخلاق الرياضية، لما انحرف كثير منهم وتحرشوا بالحسناوات واعتدوا على القاصرات، وأنكروا أبناءهم ولم يعترفوا بهم إلا بعد زمن طويل، ولك المثل الأبرز في ذلك الأرجنتيني مارادونا..
ولو أنّ الرياضيين يقتدون بمعاني الرياضة، لما تهاوى "القيصر" بكنباور بعد نجومية مثالية وطاغية، ولما تحوّل مارادونا من أسطورة إلى مستجدي الطبابة من كوبا والأموال من دول أخرى، ولولا اقتدى بلاتيني النزاهة وهي إحدى قيم الرياضة، لما تقاضى رواتب "مشبوهة" لم يُكشف عنها إلا بعد تسع سنوات، ولما خسر صاحب الكرة الذهبية ثلاث مرات منصب رئيس الاتحاد الأوروبي بعد 8 سنوات، وفرصة رئاسة الاتحاد الدولي، ولما خسر سمعته..
وهذه الأسماء الهاوية من سماء النجومية، ليست شيئاً أمام الكبير في عالم كرة القدم السويسري بلاتر الذي حكم "فيفا" 40 عاماً، 17 منها من موقع الرئيس، وانتهى به المطاف مطروداً وممنوعاً حتى من حضور مباراة، والذي ما زال يكابر مصراً على براءته من تهم الثراء غير المشروع. مثله مثل شريكه في الفضائح ميشال بلاتيني الذي قال بالأمس في رسالة الوداع إنه مرتاح الضمير ولم يرتكب أي غلطة وأنه سيواصل معركته القضائية.
الآن وبعدما أطلّ حليق الرأس الإيطالي إنفانتينو لتطهير "فيفا" من الفساد، وحليق الرأس الآخر السلوفيني إسكندر تشيفرين لخلافة بلاتيني في رئاسة الاتحاد الأوروبي، يبرز السؤال: هل تعود كرة القدم العالمية إلى قيم الرياضة ومبادئها وأخلاقياتها؟ هذا السؤال طُرح بعد الحديث عن طلب الرئيس الجديد للفيفا مخصصات مالية كبيرة، ولكنه سارع إلى نفيها ومحدداً المبلغ بأقل من مليوني يورو سنوياً. أمّا الرئيس الجديد للويفا فيقول: يصعب على البعض الإقرار بأنّ رجلاً من سلوفينيا يمكن أن يكون مستقلاً.. صدقوني أنا مستقل..
والحق يُقال، إنّ كرة القدم لعبة قبل أن تكون منتجاً، ورياضة قبل أن تكون سوقاً، واستعراضاً قبل أن تكون تجارة، ولكن هذه الأقوال لبلاتيني ليست فعل إيمان، وثمة تبريرات لهفوات وسقطات الكبار، كدفاع رئيس اتحاد الكرة الألماني السابق عن بكنباور بقوله إنّ "القيصر" لا يمكنه أن يمنحنا قيمة الدعاية كهدية.