|


سعيد غبريس
مواخض الاتحاد المُنتَخَب
2016-01-29
لا أحد يستطيع أنّ يفسّر ما يحصل في اتحاد كرة القدم السعودي: هل هو نوع من الديمقراطية بحيث تختلف الآراء وتُتخذ بحسب أكثرية الأصوات؟ أم هو نوع من الفوضى والغوغاء والضبابية في فهم القوانين واللوائح؟ أم هو نوع من التكتلات الانتخابية؟
مهما كان الجواب فإن ذلك أمر صحي في اتحاد أُنتخب للمرة الأولى، وشعر كل عضو بأحقيته الكاملة في طرح ما يريد ورفض ما يراه غير ملائم، كونه يأخذ شرعيته من الجمعية العمومية، لا من انتقاء بواسطة التعيين.
ومن الطبيعي أن يحدث هذا المخاض الصعب كون اتحاد أحمد عيد مولود جديد في عالم الكرة السعودية، وكون هذا الرئيس القادم من الملاعب، لا يتمتع بحظوة و«حصانة» الرؤساء الذين سبقوه…
ولكن من غير الطبيعي، أن يأخذ الإعلام وبعض أعضاء مجلس إدارة الاتحاد ورؤساء الأندية وإداريوها، وصولاً إلى من تتاح له فرصة فضائية ليقول ما يريد، فيسبغ هذا، النعمة على رئيس الاتحاد، ويصب ذاك جام غضبه عليه، من دون أن يكون لأصحاب هذه الآراء صفة تمثيلية أو خلفية ثقافية رياضية…
ويُخيّل لمن يتابع «الهجمة» على الاتحاد الحالي أن الرئيس «حيطة واطي» وأن الكلام، حتى وإن كان جزافاً في حقه، هو مجاز بغير تحفظ، لأن هذا الرئيس المسكين ابن اللعبة، ولا يحيط نفسه بهالة ولا يتحرك بمواكبه…
سيبقى اتحاد الكرة السعودي يُعاني من المخاض سنوات حتى «يتعلم» ويكتسب الوسط الكروي الأصول التي ترتكز عليها إدارة مثل هذه الهيئات التي تُعنى بالشأن العام وخاصة في قطاع الشباب والرياضة، وصولاً إلى اكتساب الخبرة والتجربة، وهذا ما لا يحصل إلاّ بعدما يصبح المخاض غير عسير…
فاتحاد كروي عريق بالانتخابات كالاتحاد اللبناني مثلاً، يديره رجال يتمتعون بحنكة رجال السياسة الأقحاح، وجلهم باتوا مفاتيح انتخابية لكثير من أعضاء مجلس النواب… بل كبار رجالات الدولة، وهذا لم يكتسبوه بين ليلة وضحاها…
نعود إلى الواقع الحالي لاتحاد الكرة السعودي الذي تنتهي ولايته في يناير 2017، والذي تعرض لانتقادات متواصلة ولضربات على الرأس مترافقة مع مطالبات بتقصير الولاية وإجراء انتخابات فورية، ومترافقة أيضاً مع ترشيحات متتالية، ويعزز ذلك النتائج المتراجعة لمنتخبات المملكة في البطولات كافة، وآخرها خروج المنتخب الأولمبي من تصفيات أولمبياد ريو دي جانيرو من الدور الأول، وما رافق ذلك من جدل غير مفهوم في تحديد مسؤولية ذلك.
والغريب أنّ اتحاد الكرة لم يحسم بشكل واضح كيف تسلّم الهولندي كوستر مهام المدير الفني بالرغم من وجود المدرب المواطن بندر الجعيثن في هذا المنصب منذ حوالي ثلاث سنوات… وفي حين يقول رئيس الاتحاد إن الجعيثن هو المدرب، يرد الأخير بالنفي، ثم يأتي التأكيد على ذلك من المشرف العام على المنتخب الأولمبي، فيما يقول أحد أعضاء اتحاد الكرة إن تكليف الهولندي تم بدون علمنا…
والحق يُقال، إن ما قام به الاتحاد المُنتَخَب رغم عدم تحقيق إنجازات، عمل جيد وجهد كبير طالما أن تجربة الانتخابات ما زالت في بدايات المخاض العسير.


* رئيس تحرير مجلة «الحدث الرياضي»