|


سعيد غبريس
ظلام الديون وبدر الخصخصة
2015-07-03
قبل أيام حذّر وكيل أعمال اللاعبين في السعودية غرم العمري من الديون المتراكمة على الأندية بسبب سوء التخطيط المالي وعدم الموازنة بين المصاريف والإيرادات وعقد صفقات كبيرة مع لاعبين في وقت تتأخر عن تسديد مستحقات اللاعبين الموجودين، ولم يكن العمري في حديثه "للشرق الأوسط" مبالغاً حين ذهب للقول إنّ الديون تهدد كيانات بالانفجار.
وأمس الأول، كشفت "الرياضية"، عن أرقام مذهلة لديون بعض الأندية وصلت إلى حدود 400 مليون على كاهل ناديين فقط، ونسبت إلى مصادرها أنّ قراراً رسمياً سيصدر بوضع سقف للديون يؤدي إلى توقيع عقوبات على الأندية التي تتجاوزه.
بالطبع، لا يستغرب المتابع لطريقة الصرف في الأندية السعودية، وفي ذاكرته أرقام خيالية لمبالغ مالية صرفها أفراد تسلموا مهام الرئاسة في الأندية، ابتداءً من الأمير الراحل محمد العبدالله الفيصل ـ يرحمه الله ـ مروراً بمنصور البلوي وخالد البلطان والأمير عبد الرحمن بن مساعد والأمير فيصل بن تركي، أطال الله في أعمارهم، وغيرهم كثر.
ويلف القلق هذه الأيام عشية فتح باب الانتقالات الصيفية ولمدة 77 يوماً، العديد من الأندية، خاصة أندية المقدمة، التي تقُض مضاجع القائمين عليها، خاصة الرؤساء، والتهديد ماثل وواقع بسحب الرخص من بعضها، أو أقله منعها من إبرام تعاقدات جديدة. وأضعف الإيمان، حسم نقاط من رصيدها في دوري المحترفين.
وإذا كان النصر حسم أموره باكراً نائياً بنفسه عن أي تهديد، فإنّ الشباب "تدبّر" أمره بالملايين الـ27 التي أنعشت خزينته من صفقة بيع نجمه نايف هزازي للنصر، وفي حين يصطدم الرئيس الجديد للهلال الأمير نواف بن سعد بمشكلة توفير 100 مليون ريال لتغطية الديون ومن ثم عقد الصفقات واستكمال صفوف الفريق باللاعبين الأجانب، يضيع الاتحاد في السباق مع فترة الـ30 يوماً التي منحتها لإدارته لجنة التراخيص لتسوية القضايا المقامة ضده لدى اللجان القانونية في "فيفا"، وما أكثرها، حتى لا تضيع نصف الفرصة للمشاركة في دوري أبطال آسيا.
وحتى لا يفقد الاتحاد بدره في الليلة الظلماء، وضع الرئيس الأسبق وشقيق الرئيس الحالي عضو الشرف المؤثر منصور البلوي، كل ثقله في عملية إنقاذ مرهقة، وهو الذي كادت تتقطّع أنفاسه وهو يساعد شقيقه في سداد الديون المتراكمة من الإدارات السابقة والبالغة 160 مليون ريال، في وقت توارى أعضاء الشرف، وانعدمت إسهامات "الداعم والفاعل".
وتتعلّق الآمال الاتحادية بتفعيل قرار الرئيس العام السابق لرعابة الشباب لاستعادة المبالغ المالية والديون للخزينة تخص شخصيات شرفية وأعضاء إدارات سابقين، لذلك لجأ البلوي منصور إلى الرئيس العام الحالي للتعجيل أيضاً بموافقة الرئاسة العامة على عقود الرعاية التي يعتزم النادي إبرامها والتي قال عنها العضو المؤثر إنها ستكون الأعلى قيمة للأندية السعودية.
والحق يُقال، إنّ الأندية السعودية لا تزال أسيرة النهج ذاته في الصرف المالي وعرضة للخطر ذاته: الغرق في الديون، برغم مرور سنوات على إنجاز مشروع خصخصة الأندية الذي قدّمه للمجلس الاقتصادي فريق عمل بقيادة الرئيس العام الحالي لرعاية الشباب، ولم يُعتمد بعد.
وبانتظار الفرج، يبدو أنّ الأمير عبدالله بن مساعد، قرّر اعتماد آلية للحد من ديون الأندية بوضع سقف لها تحت طائلة العقوبة.
إنّ ذلك ليس، بالطبع، حلاً لمعضلة الكرة السعودية المالية، لكنه ضروري لقطع دابر الترف في الصفقات الكبيرة التي غالباً ما تكون هدراً مبيناً.